وقوله: (ولا يَخرج العبدُ من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه).
أي: لا يصير كافرا مرتدا بعد أن صار مسلما مؤمنا إلا بجحود ما أدخله فيه، وهذه الجملة خطيرة جدا؛ لأن الإنسان يدخل الإسلام بالشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فالكافر إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ظاهرا وباطنا، صار مسلما؛ فإن شهد بها بلسانه فقط فهو منافق، وإن شهد بها في باطنه دون ظاهره فهو جاحد، قال تعالى: ((فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)) [الأنعام: 33]، وقال تعالى: ((وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمَاً وَعُلُوَّاً)) [النمل: 14] فلا بد أن يشهد الشهادتين ظاهرا وباطنا، عن علم وانقياد وإقرار، بذلك يدخل في الإسلام حقيقة.
فقوله: (إلا بجحود ما أدخله فيه) معنى ذلك أن ينكر تفرد الله بالإلهية، فيصير بها مشركا، أو ينكر رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس، فيصير مُكذبا للرسول - صلى الله عليه وسلم -، هذا معنى هذه الجملة.
فإذا كان يخرج عن الإسلام بجحود التوحيد أو جحود الرسالة، فلأن يخرج عن الإسلام بالتكذيب أو الشك أولى، وعلى هذا فلا يخرج عن الإسلام إلا بالتكذيب، أو الشك في الباطن، أو بالجحود سواءً مع تكذيب وشك أو مع تصديق.
ويمكن أن يقال: إن هذه العبارة تقتضي أنه لا يكفر بأي فعل بعد ذلك إذا لم يجحد، وهذا لا يستقيم؛ بل من تكلم بما هو كفر؛ فإنه