خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ)) [البقرة: 30] إلى آخر القصة.
وأما الأنبياء فكذلك يجب الإيمان بهم إجمالا، ويجب الإيمان بمن سمى الله منهم تفصيلا، وقد ذكر الله الإيمان بالرسل في الآيات الثلاث التي تقدمت (?)، وذكروا في آيات أخرى: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجَاً وَذُرِّيَّةً)) [الرعد: 38]، ((وَرُسُلَاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلَاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ)) [النساء: 164]، فرسل الله وأنبياؤه كثيرون؛ لكن منهم من قص الله علينا من أخبارهم، ومنهم من لم يقصهم علينا، ومنهم من ذَكر اسمه ولم يذكر تفصيلَ خبره، مثل: ذي الكفل وإدريس واليسع، وقص الله علينا أخبار أنبياء كثيرين؛ كنوح وهود وصالح وشعيب وإبراهيم ولوط وموسى، فيجب الإيمان بما أخبر الله به عن الأنبياء والمرسلين إجمالا وتفصيلا؛ فأما الأيمان بهم مجملا؛ فهو فرض عين، وأما معرفة أخبارهم تفصيلا فهو فرض كفاية، ويجب على من علم شيئا من تفصيل أخبارهم أن يؤمن به.
وبمناسبة ذكرِ المؤلف ـ رحمه الله ـ (ونؤمن بالملائكة والنبيين، والكتب المنزلة على المرسلين) ترد مسألة الفرق بين النبي والرسول، وقد سبق الكلام عليها عند قول المؤلف: (وإن محمدا عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله المرتضى) (?).
والأصل الثالث من أصول الإيمان في عبارة المؤلف ـ رحمه الله ـ هو الإيمان بالكتب، فإنه قال: (ونؤمن بالملائكة والنبيين وبالكتب المنزلة على المرسلين) وقدَّم ذكر الأنبياء على الكتب، مع أن الذي في الآيات والأحاديث تقديم ذكر الكتب على الرسل، قال تعالى: ((وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ)) [البقرة: 177]، ((كُلٌّ آمَنَ