فيه قلبا سقيما، لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سِرًا كتيمًا، وعاد بما قال فيه أفاكا أثيما).
بعدما ذكر أن هذا هو ما عليه الراسخون في العلم أولياء الله الذين نوَّر الله قلوبهم، وذكر أن هذا كله من عقد الإيمان وأصول المعرفة والتوحيد، أشار إلى من خالف ذلك ولم يعترف به، أو آمن بالقدر إيمانا ليس على الوجه المشروع، فقال: (فويل لمن صار) ويل: كلمة للوعيد والتهديد، قال تعالى: ((وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)) [المطففين: 1]، ((وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)) [الهمزة: 1]، ((فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)) [الطور: 11] وهذا الوعيد يشمل كل الطوائف: الجبرية المشركية، والمجوسية نفاة القدر، والإبليسية، كلهم يصدق عليهم هذا؛ ولكن دخول الجبرية والإبليسية أظهر؛ لأن الجبرية يحتجون بالقدر في معارضة الشرع كما قال المشركون: ((لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا)) [الأنعام: 148] فهم يعارضون شرعه بقدره، ويحتجون على الشرع بالقدر.
والإبليسية الأمر فيهم أظهر وخصومتهم لله تعالى وطعنهم في حكمته أشهر، كما قال الله عن سلفهم إبليس لما أمره الله بالسجود لآدم فأبى وقال: ((أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)) [الأعراف: 12].
وقوله: (وأحضر للنظر) في القدر (قلبا سقيما) فنظر في القدر بقلب سقيم عليل مريض، لم ينظر بقلب حي سليم، والقلوب كما تقدم (?) ثلاثة على سبيل الإجمال:
القلب السليم: وهو الذي سلم من أمراض الشبهات والشهوات، وقلب ميت، وقلب مريض.
فالذي ينظر في القدر وهو عليل القلب لا يستقيم فهمه، وتضطرب الحقائق في نظره.