وأحببت أن أؤكد على هذا فإنه ينفع المسلم ويريح باله عند ورود الشبهات على قلبه، (?) فقد انفتح على الناس أبواب شر في هذا العصر ممثلة في وسائل الإعلام، وفي الشبكة العنكبوتية، فهي وسائل عظيمة الأثر في الخير والشر؛ ولكن أكثر ما تستعمل في الشر؛ لأن أكثر الناس على غير هدى، فكن على حذر مما يطرح في هذه الوسائل، فقد أصبح الناس في فتنة مدلهمة، فكل يستطيع أن يتكلم بما يريد، الملحد والمبتدع والذي ينتسب للسنة فإن من المنتسبين للسنة من تسربت إليه أفكار وتوجهات فيحملها ويحمل لواءها، فيصير ـ والعياذ بالله ـ داعي فتنة، سواء مما يتعلق بالاعتقادات أو بالسلوكيات.
وقوله رحمه الله: (فمن رام علم ما حظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان).
هذا بيان لأثر عدم التسليم، (من رام) يعني: طلب (ما حظر عنه علمه) يعني: حجب عنه ومنع من علمه، (ولم يقنع بالتسليم) فهو كثير الاعتراض والسؤال، فيقول: ـ مثلا ـ لم خلق الله الحشرات؟ لم خلق الله هذه المؤذيات؟ لم خلق الله الناس هذا دميم، وهذا قصير؟ لم أضل من أضل من الخلق؟ لم أغنى هذا وأفقر هذا؟ في تساؤلات عن حِكِم الله في تقديراته، ففي نفسه اعتراضات!
ومن الأشياء التي تجري على بعض الألسن ـ وهي نابعة من عدم التسليم ـ: (فلان والله ما يستحق أنه يبتلى بهذه الأمراض والأوجاع والمصائب أو يبتلى بالفقر) هذا اعتراض على تدبير أحكم الحاكمين.
وقوله: (فمن رام علم ما حظر عنه علمه ولم يقنع بالتسليم) فيريد أن يفهم كل شيء، وهذا لا يمكن؛ لأن عقل الإنسان له حد، فلا يمكن أن يعرف أسرار الوجود، وتفاصيل حِكِم الله في أقداره، وإن لم يسلم لله؛