وقوله ـ رحمه الله ـ: (وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهو كما قال، ومعناه على ما أراد، لا ندخل في ذلك مُتأوِّلين بآرائنا، ولا متوهمين بأهوائنا؛ فإنه ما سلم في دينه إلا من سلَّم لله عز وجل ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وردّ علم ما اشتبه عليه إلى عالمه)
يعني: ما جاء عن الله تعالى في كتابه هو على ما أراده وعَلِمَه، وما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحَّ من سنته؛ فهو كما قال، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (إنكم سترون ربكم) فسنرى ربنا كما قال، وهذا معناه التصديق، فما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحديث الصحيح فهو حقٌّ كما أخبر، هذا معنى (كما قال) فنحن نؤمن به مصدقين لخبر الله تعالى، وخبر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا بيان لوجوب الإيمان بما أخبر الله به، وما أخبر به رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذه المسألة وغيرها.
وقوله: (ومعناه على ما أراد) الكلام في هذا كالكلام فيما قبله، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنكم سترون ربكم) ماذا أراد - صلى الله عليه وسلم -؟ أراد الرؤية البصرية، ونعلم أنه أراد ذلك يقينا، وليس المقصودُ التفويضَ، فنقول: الله أعلم بمراده ومراد رسوله؛ بل نقول: نعم هو كما قال، ومعناه على ما أراد، ونحن نعلم المعنى الذي أراده من قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنكم سترون ربكم)؛ لأنه يُخاطبنا بكلام واضح مبين مفسَّر لا إجمال فيه ولا إبهام، فلا يجوز أن يكون المراد ستعلمون ربكم؛ لأن العباد يعلمون ربهم وهم في الدنيا قبل أن يموتوا: ((وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا)) [طه: 110] يعرفون ربهم أنه خالقهم، وخالق كل شيء، وأنه الله الذي لا إله غيره، فلا يجوز أن يُراد