وقد دلَّ على مسألة رؤية المؤمنين لربهم القرآن، والسنة المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (?)، وأجمع على ذلك أهل السنة والجماعة؛ فأما القرآن فأصرح دليل في ذلك آية سورة القيامة التي ذكرها المصنف: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ)) أي: بهيَّةٌ مشرِقَةٌ حسنةٌ ((إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)) يعني: تنظر إلى ربها، وهذا الفعل: «نَظَرَ» يأتي على وجوه في اللغة العربية (?):
يأتي متعدِّيا «بنفسه» فيكون بمعنى الانتظار، قال تعالى: ((هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ)) [الأعراف: 53] أي: هل ينتظرون إلا تأويله.
ويأتي متعدِّيا بـ «في» فيكون معناه: التفكر، قال تعالى: ((أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ والأرض)) [الأعراف: 185] وقال تعالى: ((أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ)) [الروم: 8].
ويأتي مُعدَّا بـ «إلى» فيُرادُ به نظر العين، قال تعالى: ((أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ)) [ق: 6] وقال تعالى: ((أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ)) [الغاشية: 17].
ومما أُستُدلَّ بها على إثبات الرؤية من القرآن قولُه تعالى: ((لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)) [يونس: 26]، وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الزيادة: هي النظر إلى وجه الله الكريم (?)، وفي معناها: قوله تعالى: ((لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)) [ق: 35] (?) كما استدل أهل السنة بقوله تعالى في الكفار: ((كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)) [المطففين: 15]، فلو كان المؤمنون لا يرونه؛ لاستووا هم والكفار.
ومما استُدلَّ به من القرآن قوله تعالى: ((عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ