ولا رسوله تشبيه). (?)
وقوله: (فمن أبصر هذا اعتبر)
من أبصر هذا بعقله وبصيرته اعتبر وحذر من حال المكذبين، وانزجر عن المقالات الباطلة، كقول الوليد بن المغيرة، وقول الجهميّة والمعتزلة والأشاعرة.
فالقرآن كلام الله، والله تعالى يتكلم بما شاء إذا شاء، وكلام الله يسمعه من شاء الله بلا واسطة.
والأدلة على إثبات كلام الله كثيرة ومتنوعة ففي القرآن قال تعالى: {قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} ((وكلم الله موسى تكليماً)) ((ولما جاء موسى بميقاتنا وكلمه ربه)) {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} فقد جاء ذكر الكلام بلفظ القول، والكلام، والكلمات، والنداء، والمناجاة.
والله كلم موسى، وناداه، وناجاه ناداه بصوت مرتفع، وناجاه بصوت خفي، قال تعالى: ((وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيّا)) فموسى كليم الله، ونجي الله؛ لأن الله ناجاه، وهو تعالى يوصف بالمناداة، والمناجاة، والتكليم.
والمخلوق يوصف بالمناداة، والمناجاة، والتكليم، ولكن نقول: ليس التكليم كالتكليم، ولا المناداة كالمناداة، ولا المناجاة كالمناجاة، كما نقول: إن حياته سبحانه وتعالى ليست كحياة المخلوقين، ولا علمه كعلمهم، ولا قدرته كقدرتهم، فالقول في الصفات واحد ولا فرق، وهذا أصل معقول صحيح.