بالضرورة من العقل، ويعتبر هذا منه مكابرة، وموقفنا من المكابر الإعراض عنه وتركه، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) (يونس: 96) (وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) (يونس: 97) ، فنتركه حتى إذا جاءه الأجل عرف، لأن المكابر لا تستطيع أن تقنعه إطلاقاً، إن أتيته بدليل أنكره، أمكنه الإنكار، أو حرفه إن لم يمكنه الإنكار، فكيف تصنع مع هذا؟!.

ولذلك فنحن نقول: إن الذين ينكرون المحسوسات جهال، وجهلهم قبيح، والذين ينكرون العقليات التي ليست وهميات أيضاً جهال؛ وجهلهم قبيح.

وقد قلت: العقليات الصريحة دون الوهميات؛ لئلا يحتج علينا المعتزلة والأشاعرة والجهمية وغيرهم، الذين سلكوا تحكيم العقل في الأمور الغيبية، حتى في صفات الله، حيث قالوا: لا نقبل إلا ما أملت علينا عقولنا.

فنقول: هذه العقول التي زعمتموها هي عقول وهمية وخيالات لا أصل لها؛ لأن العقل الصريح لا يمكن أن يناقض النقل الصحيح من الكتاب والسنة أبداً، وهذه قاعدة مطردة.

ومعنى قولنا: العقل الصريح أي الخالص من دائين عظيمين، وهما: الشبهة، والشهوة، ولا أعني شهوة الفرج بل أعني شهوة الإرادة، فالشبهة ألا يكون عنده علم، والشهوة ألا يكون له إرادة صالحة؛ لأن كل الانحرافات عن الحق لا تخرج عن أحد هذين السببيين، وهما الشبهة والشهوة؛ فإما جهل وإما سوء إرادة؛ لذا يقول المؤلف رحمه الله: (فنكره جهل قبيح في الهجا) يعني بالتتبع نجد أن إنكاره جهل قبيح. 0

طور بواسطة نورين ميديا © 2015