ووجه الدلالة أن نفي الإدراك دليل على أصل ثبوت الرؤية؛ لأن نفي الإدراك عما لم يثبت أصله لغو من القول لا حاجة له، وحينئذٍ يكون في الآية دليل على ثبوت الرؤية.

والعجب أن الذين ينفون الرؤية يستدلون بنفس الآية على أنه لا يرى لأن الله يقول: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) ، ونقول رداً عليهم: الله يقول: (لا تُدْرِكُهُ) ولم يقل: لا تراه. وفرق بين الإدراك والرؤية. فنحن الآن نعلم الله عز وجل لكن لا ندرك حقيقته. ولو قلنا بقولهم لقلنا: إن الله لا يعلم. وعلى هذا فالآية صريحة في أن الله تعالى يرى.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية قاعدة في الاستدلال، وناهيك به فهما وفقها، فقال: أنا ملتزم بكل دليل صحيح استدل به مبطل على باطله أن اجعله دليلاً عليه لا له، سواء كان أثريا أم نظريا، ذكر هذا في كتابه درء تعارض العقل والنقل، وذلك لأن الاستدلال بالدليل الصحيح على القول الباطل لا شك أنه يشم منه رائحة ما ذهب إليه.

فهؤلاء الذين استدلوا بنفي الرؤية في الآخرة بقوله تعالى: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) ، قال شيخ الإسلام: هذا دليل عليهم؛ لأن نفي الإدراك يدل على وجود أصل الرؤية، ولولا وجود أصل الرؤية لكان نفي الإدراك لغوا ينزه عنه كلام الله.

ثالثاً: حجب الله عن أعدائه، وذلك في قوله: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (المطففين: 15)) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015