على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في النساء: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين)) (?) ، قال: ناقصات عقل ودين، وهذا دليل على أن الإيمان ينقص.

والدليل الثاني: وهو دليل عقلي أنه إذا ثبتت الزيادة ثبت النقص؛ لأنه لا تعقل زيادة إلا بوجود مزيد ومزيد عليه، فإذا ثبتت الزيادة بالنص، فقد ثبت النقص أيضاً؛ لأنه لا يتصور زيادة إلا بمقابلة نقص، فمثلاً إذا كان هناك رجل زاد إيمانه، فمعنى ذلك أنه قبل ذلك كان ناقصاً، وهذا من باب التلازم فإنه لا يمكن زيادة إلا بوجود نقص.

ثم اعلم أن نقص الإيمان على قسمين:

الأول: نقص لا حيلة للإنسان فيه كنقص دين المرأة بترك الصلاة في أيام الحيض، فإن هذا لا اختيار لها فيه، بل لو أرادت أن تصلي حتى لا ينقص إيمانها لقيل لها: إن هذا حرام عليك، ولو صليت لزاد إيمانك نقصاً. إذاً هذا نقص لا حيلة للإنسان فيه ولا يلام عليه؛ لأن هذا لا اختيار له فيه إطلاقاً.

ومثل أن يموت الإنسان صغيراً، فإن إيمانه ينقص عمن عُمِرْ؛ لأن من عُمِرْ زاد إيمانه وزادت أعماله، فهذا النقص لا حيلة له فيه لا يلام عليه إطلاقاً.

الثاني: نقص باختيار الإنسان، وهذا ينقسم إلى قسمين:

إن كان سببه المعصية أو ترك الواجب فإنه يلام عليه، ويأثم به، وإن كان نقصه بترك تطوع غير واجب فإنه لا يلام عليه لوماً يأثم به، وإن كان على الإنسان أن يجتهد في العمل الصالح، ولهذا قيل لابن عمر رضي الله عنهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015