يكون مساوياً للفاعل، لأنه بضرورة العقل أن المفعول لابد أن يكون مسبوقاً بفعل، والفعل لابد أن يكون مسبوقاً بفاعل، وهذا هو الحق.
وقول المؤلف: (وضل من أثنى عليها بالقدم) إن أراد من أثنى عليها بالنوع فليس بصحيح، وإن أراد من أثنى عليها بالعين فهذا صحيح؛ لأن ما من شيء من المخلوقات يكون قديما ليس له أول أبدا.
وخلاصة القول في ذلك أنه ليس في الوجود إلا خالق ومخلوقا، وأن الخالق جل وعلا لم يزل ولا يزال موجوداً، وأما المخلوق فالأزل في حقه ممتنع، فليس هناك شيء من المخلوقات يكون أزلياً أبداً، بل ما من مخلوق إلا وهو حادث بعد أن لم يكن؛ فالسموات والأرض والجبال والشجر والدواب والعرش والكرسي والقلم وغير ذلك كله مخلوق من العدم، ولم يقل أحد بقدمه إلا الفلاسفة.
فالفلاسفة هم الذين قالوا بقدم العالم، وأن العالم لم يزل ولا يزول، ولهذا يقولون: إن المادة لا تفنى كما أنها ليست حادثة، وهذا لا شك أنه شرك مخرج عن الملة، ومن ادعى أن مع الله شريكاً في الوجود فهو مشرك.
وهذه المخلوقات منها شيء أبدي خلقه الله للبقاء، ومنها شيء أمدي يعني له مدة ثم ينتهي، فمن الأشياء الأبدية الروح، فإن الله خلق أرواح للأبد، ولا يقال: إن الحيوان يموت فتفقد روحه؛ لأن موت الحيوان ليس فقداً لروحه، بل مفارقة الروح للبدن.
اللهم إلا روح من لم يخلق للأبد فهذه قد تفنى، وليس عندي في ذلك أثارة من علم، لكن هذا هو الظاهر، فأرواح الحيوان سوف تعاد في