وقال: (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) (المؤمنون: 61) (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (المؤمنون: الآية 62)
فالصواب المجزوم به هو القول الثاني؛ وهو أن ما يطلب فيه الجزم يكتفى فيه بالجزم، سواء عن طريق الدليل أو عن طريق التقليد.
قال المؤلف رحمه الله: (فالجازمون من عوام البشر) يعني الذين يجزمون بما يعتقدون من العوام الذين ليس عندهم علم لأنهم عوام، قال: (فمسلمون) يعني فهم مسلمون وإن كانوا لم يأخذوا ما يطلب فيه الجزم عن طريق الاجتهاد.
ثم قال: (عند أهل الأثر) وكفى بأهل الأثر قدوة، فأهل الأثر يرون انه يجوز التقليد فيما يطلب فيه الجزم، والمقصود أن يحصل الجزم سواء عن طريق التقليد أو عن طريق الاجتهاد، وإذا كان هذا هو ما يراه أهل الأثر فهو الذي نراه نحن وهو الصحيح.
بقي في كلام المؤلف رحمه الله إشكال في قوله (فمسلمون) فهو خبر لقوله (فالجازمون) ودخلت الفاء في الخبر لأن (الجازمون) فيه ((ال) الموصولة، والموصول يشبه الشرط في العموم، فيجوز أن تدخل الفاء في الخبر إذا كان المبتدأ اسما موصولا.
ومنه قول النحويين في المثال: (الذي يأتيني فله درهم) ، ودليل ذلك في القرآن: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ) (البقرة: الآية 274) فهنا جاءت الفاء في خبر المبتدأ الموصول لأنه يشبه الشرط في العموم.