اليد على حقيقتها لم يلزم منها محظور، لا في ذات الله ولا في صفاته، فليس هناك محذور في أن نقول: لله يد حقيقية بها يأخذ ويقبض ويبسط، ولكنه لا تشبه أيدي المخلوقين.

البحث الثالث: هل اليد واحدة أو متعددة؟

والجواب على ذلك: أنها متعددة. فلله تعالى يدان اثنتان، والدليل قوله تعالى وهو يمتدح بكمال القدرة: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) (صّ: الآية 75) فال: (بيدي) ولو كان له أكثر من اثنتين لقال: بأيدي؛ لأن الأكثر أبلغ في القدرة من الأقل، فلما قال في مقام التمدح بالقدرة والقوة والتشريف لآدم (بيدي) علم أنه سبحانه ليس له إلا يدان اثنتان.

ولما قالت اليهود يد الله مغلولة قال عز وجل: (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) (المائدة: الآية 64) ، وهذا في مقام الثناء على الله بكثرة العطاء، ولو كان له أكثر من أثنيتن لذكرها، لأن المعطي بثلاث أكثر من المعطي باثنتين، ولكن الكمال كله لله عز وجل باليدين الثنتين.

فإن قال قائل: قد جاءت النصوص بان لله يدا واحدة، كقوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) (الملك: الآية 1) ، وكقول النبي صلى الله عليه وسلم ((يد الله ملأى) (?) ، فيد الله هنا واحدة، ووصفها بأنها ملأى سحاء الليل والنهار. فكيف نجمع بين النصوص ولماذا لم نقل: إن لله يداً واحدةً؟

فالجواب: أن نقول: من المقرر عند العلماء رحمهم الله في الاستدلال أنه إذا جاء دليلان أحدهما فيه زيادة أخذ بالزائد؛ وذلك لأن الأخذ بالزائد أخذ بالناقص وزيادة، ولو اقتصرت على الأخذ بالناقص لألغيت الزيادة التي جاء بها الزائد، وهذا خطأ. فهنا نقول: إن النصوص الدالة على ثنتين فيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015