الأول: منع أن تكون الرحمة دالة على الرقة واللين والضعف.

والثاني: لو قدر أن هذا مقتضاها باعتبار رحمة المخلوق، فإن ذلك لن يكون مقتضاها باعتبار رحمة الخالق.

وقول المؤلف رحمه الله: (ونحوها) . أي نحو الرحمة، ومثال ذلك الحكمة، فالحكمة صفة ثابتة لله عز وجل، والسلف وأهل السنة والجماعة يثبتونها لله تعالى ويرون أنها من أكمل الصفات.

والحكمة ممنوعة عند أهل التعطيل، حيث يقولون: إن الله ليس له حكمة، لا فيما شرع ولا فيما خلق؛ لأن الحكمة غرض، والله تعالى منزه عن الأغراض، ومنزه عن الأعراض، ومنزه عن الأبعاض، ولذلك يقول القائل منهم في الثناء على الله: سبحان من تنزه عن الأعراض والأغراض والأبعاض. وهذا كلام مسجوع لكنه ممنوع، لأن المراد بقولهم: سبحان من تنزه عن الأعراض: يعني عن الصفات، والأغراض: يعني عن الحكمة، والأبعاض: يعني عن اليد والوجه والعين وغيرها.

فهم ينكرون الحكمة ويقولون: إن الله لا يفعل الشيء لحكمة، ولكنه لمجرد المشيئة؛ إذا شاء أن يفعله فعله، وإذا شاء أن لا يفعل فلا يفعل، أما أن يكون لحكمة وغاية محمودة فهذا لا يمكن؛ لأن الحكمة غرض، والغرض فيه منفعة لصاحب الغرض أو دفع مضرة عنه، والله سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى جلب منفعة ولا إلى دفع مضرة.

ولا شك أن هذا القول من أنكر الأقوال، وفيه في الحقيقة سلب صفة عن الله من أجل الصفات وهي الحكمة، وعلى قولهم يكون الله تعالى قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015