ورجل، ولا يلزم من هذا التماثل في الإسم التماثل في الحقيقة، وكل يعرف أن رجل الفيل ليست كرجل الذرة، وهذا في المخلوقات مع بعضها فكيف بالخالق؟! فتبين إذاً مخالفة الخالق للمخلوق بدليل السمع والعقل والحس.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (من رحمة) ؛ فعقيدة أهل السنة والجماعة إثبات الرحمة لله وأنها صفة حقيقية يتصف الله بها حقاً، أما أهل التعطيل من الأشاعرة وغيرهم فقد أنكروا صفة الرحمة، لكنهم أنكروها إنكار تأويل وليس إنكار تكذيب، وسبق أن إنكار التكذيب كفر، وإنكار التأويل ليس بكفر، بل قد يعذر فيه الإنسان. وهم يفسرون الرحمة ويقولون: إن المراد بها أحد أمرين: إما الإحسان وإما إرادة الإحسان.
فإذا فسروها بالإحسان فقد فسروها بمفعول منفصل عن الله، وليس من صفاته، وإذا فسروها بالإرادة فسروها بصفة يقررونها؛ لأنهم يثبتون لله سبع صفات، وهي: الحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والإرادة، والكلام.
فهم يثبتون الإرادة؛ ولذلك يفسرون الرحمة بإرادة الإحسان، فيقولون: الرحمن الرحيم: يعني المريد للاحسان، أو المحسن، فيفسرون الرحمة بلازمها ومقتضاها، ولا شك أن هذا تحريف.
والرد عليهم في ذلك بأن يقال: ما دام أثبتم الإرادة فليس هناك ما يمنع أن تثبتوا الرحمة، وما زعمتم من أن الرحمة رقة ولين وضعف فالجواب عن هذا بأمرين: