وقول المؤلف: (فثابت من غير ما تمثيل) ؛ لما كان الثبوت قد يستلزم التمثيل، نفى هذا فقال: (من غير ما تمثيل) فلا نمثل، فنثبت لله وجها بدون تمثيل، ونثبت له يدا بدون تمثيل، وهكذا بقية الصفات
والتمثيل قد دل على نفيه عن الله النقل والعقل
فأما الدليل من النقل: فقد قال الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء) (الشورى: الآية 11) ، وهذا نفي عام لا يماثله شيء في أي صفة من صفاته، وقال: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) (مريم: الآية 65) ، وقال: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ) (النحل: الآية 74) ، وقال: (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً) (البقرة: الآية 22)
والآيات في هذا المعنى كثيرة كلها تدل على أن الله ليس له مثل، ولا يجوز أن يجعل له مثل. فليس له مثل للأدلة الخبرية، ولا يجوز أن يجعل له مثل للأدلة الطلبية.
وليلاحظ أن هناك نفياً للمماثلة ونهياً عن المماثلة، فنفي المماثلة مثل قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء) ، (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) ، والنهي عن التمثيل كقوله تعالى: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ) ، وقوله تعالى: (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً) .
وأما الدليل العقي على امتناع التمثيل: أن الخالق مباين للمخلوق في ذاته ووجوده ومرتبته.
أما في ذاته: فإن كل أحد يعلم بأن الخالق ليس كالمخلوق، فالمخلوق خلق من مادة ومن عناصر مكونة يقوم بعضها ببعض، والخالق ليس كذلك، فليس من جنس العناصر الموجودة؛ ليس من جنس الذهب ولا الحديد ولا