وقوله: (فثابت) أي ما جاء فيه الدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة رضي الله عنهم فإنه ثابت، لا يجوز أن ننفيه لا تكذيباً ولا تحريفاً، وهذا الأخير يسمى عندهم بالتأويل، وإن شئت فقل: لا تكذيبا ولا تأويلا بمعنى التحريف.
فمثلاً الاستواء على العرش: هذا ثابت بالدليل، وهو قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه: 5) ، فلا يجوز أن ننفيه بتكذيب فنقول إن الله لم يستوٍ؛ لأن من قال: إن الله لم يستوٍ فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة لأنه مكذب، ولا يجوز أن ننفيه بتأويل يكون تحريفاً، فمن قال: إن الله استوى بمعنى استولى، فهذا اثبت الاستواء لكن حرف معناه، فنحن نثبته ولا ننفيه لا تكذيباً ولا تأويلاً الذي حقيقته التحريف، وهذا هو معنى قول المؤلف: (فثابت) أي ثابت ثبوتاً حقيقياً لا تكذيب فيه ولا تحريف، والدليل على وجوب ثبوته من النقل والعقل.
أما النقل فلأن الله أثبت هذه الأسماء والصفات في كتابه فقال: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (الأعراف: الآية 180) ، وقال: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) (الكهف: الآية 58) ، وقال: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والإكرام) (الرحمن: 27) ، فاثبت الأسماء والصفات الخبرية والذاتية.
أما الدليل من العقل: فهو أن صفات الله عز وجل وأسماءه أمور خبرية غيبية لا مدخل للعقل في تفصيلها، فوجب الاعتماد فيها على النقل، فما أثبته النقل أثبتناه، وما نفاه نفيناه، وما سكت عنه توقفنا فيه، لا نثبت، ولا ننفي.