إلا وله كيفية، ولكن المنفي هو التكييف.

وعلى هذا يجب أن نصرف كلام المؤلف رحمه الله إن كان ظاهره خلاف ذلك إلى هذا المعنى ونقول من غير كيف: أي من غير تكييف.

وهذا الذي ذكره المؤلف رحمه الله هو الذي عليه أئمة السلف، فان مالكا رحمه الله سئل وهو في مجلسه، فقال له قائل: يا أبا عبد الله، (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه: 5) كيف استوى؟ فسأله عن الكيفية، فاطرق رحمه الله برأسه حتى علاه العرق، من شدة وقع السؤال على قلبه، ثم رفع رأسه وقال: يا هذا، الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً، ثم أمر به فأُخرج (?) .

وهكذا ينبغي لأهل العلم إذا رأوا في صفوفهم مبتدعا أن يطردوه عن صفوفهم؛ لأن المبتدع وجوده في أهل السنة شر؛ لأن البدعة مرض كالسرطان لا يرجى برؤه إلا أن يشاء الله، وقوله: (إلا مبتدعاً) ، يحتمل أنه أراد: إلا مبتدعا بهذا السؤال، أو: إلا أنك من أهل البدع؛ لأن أهل البدع هم الذين يكون ديدنهم السؤال عن المشتبهات من أجل التشويش على الناس، وأياً كان المعنى فهو يدل على أن من هدي السلف طرد المبتدعين عن صفوف المتعلمين، وهكذا ينبغي أن يُطردوا عن المجتمع كله، وأن يضيق النطاق عليهم حتى لا تنتشر بدعهم، ولا يقال: كل إنسان حر، بل يقال: إنه حر لكن في حدود الشرع، أما إذا خالف الشرع فإنه يجب أن يضيق عليه، ويبين له الحق، فإن رجع إليه فذاك، وإلا عومل بما تقتضيه بدعته، من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015