واستوى على العرش في جميع مواقعها في اللغة العربية لا تقتضي إلا العلو والاستقرار. فمن أصول أهل السنة والجماعة الإيمان بأن الله تعالى استوى على عرشه، أي علا عليه واستقر عليه علوا واستقرارا يليق بجلاله عز وجل، لا يماثل استواء الإنسان على البعير، أو على الفلك.
ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (كما ورد) ويجوز أن تكون الكاف للتشبيه يعني استواء كالوارد، والوارد في استوائه أنه استواء يليق بجلاله. ويحتمل أن تكون الكاف للتعليل، أي استوى لأنه ورد في كتاب الله، والكاف تأتي للتعليل كما قال ابن مالك:
شبه بكاف وبها التعليل قد يعني............................
ومنه قوله تعالى: (وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ) (البقرة: الآية 198) ، على أحد الوجهين: أي لهدايته إياكم، وقوله: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً) (البقرة: الآية 151) ، وفي حديث التشهد: ((اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم) (?) .
وعلى كل حال فإن مراد المؤلف بهذا أن نؤمن بأن الله استوى على العرش استواء يليق بجلاله استواء يليق بجلاله، ومعنى استوى عليه: أي علا واستقر، وأما بالنسبة لكيفية هذا الاستواء فإنه يقول: (من غير كيف) والمراد بقوله: (من غير كيف) أي من غير تكييف، وليس المراد من غير كيفية؛ لأننا نعلم أن الله استوى على العرش على كيفية يعلمها ونحن لا نعلمها، ولا يصح أن يراد بذلك نفي الكيفية، لأننا إذا نفينا الكيفية نفينا الأصل؛ إذ ما من شيء يكون