القرآن نفسه؛ لان القرآن ما نزل على احد قبل محمد عليه الصلاة والسلام، ولكن المراد ذكره.

والدليل على أن المراد ذكره قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ) (الشعراء: 197)) ، وكلنا يقرأ قوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا) (المجادلة: الآية 1) ، ولو كان القرآن العظيم مكتوبا في اللوح المحفوظ بهذا اللفظ لأخبر الله عن سمع ما لم يكن، والله تعالى قال: (قَدْ سَمِعَ) ، ثم قال: (والله يسمع) بالمضارع الدال على الحال والحاضر، وإذا كان الله عبر بقوله: (قَدْ سَمِعَ) عن المستقبل بالماضي لتحقق وقوعه، فان سلمنا هنا أن نقول بهذا، فانه تمتنع مثل هذه الدعوى في قوله (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا) (المجادلة: الآية 1) ، فان ((يسمع) فعل مضارع يدل على الحاضر.

فلو قال قائل: إن الله عبر في الآية عن المستقبل بالماضي لتحقق وقوعه كقوله تعالى: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) (النحل: الآية 1) ؟ فالجواب أن هذا لا يصح؛ لان الله تعالى قال: (قَدْ سَمِعَ) ، وإذا قلنا انه عبر عنه قبل وقوعه صح أن تقول: إنه لم يسمعه، ولا أحد يتجرأ أن يقول مثل هذا القول أبداً، وأما (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) (النحل: 1) فان الله ذكر في الآية ما يدل على انه لم يأت، حيث قال: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) ، إذا هو لم يأت، ويصح أن نقول في (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) انه لم يأت؛ لان الله قال: (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) ، ولو كان قد أتى لم يستقم أن يقول: (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) .

فالراجح عندي أن القرآن تكلم الله عز وجل به حين نزوله، وأن ما في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015