الشيخ ما يعطيه، فنزع ثوبا من على جلده ودفعه إليه وقال: بعه بما تيسر وأنفقه.
واعتذر إليه من كونه لم يكن معه شيء من النفقة» اه (?).
وما يروى عنه في هذا الباب كثير مما يدل على كمال مروءته وسخاء نفسه.
لقد ضرب شيخ الإسلام أروع الأمثال في ميدان القوة والشجاعة ففي ميدان الجهاد بطل مغوار لا يشق له غبار، يتبين هذا جليّا ما فعله ضد التتار ويأتي الكلام على شيء من ذلك.
إضافة إلى أنه كان ذا شخصية قوية، ونفس لا تهاب الصعاب كان يقف أمام السلاطين والظلمة ينصحهم ويخوفهم ويحذرهم برباطة جأش يهابه كل من حضر، لا يخاف في الله لومة لائم.
من مواقفه المشهورة التي تترجم قوة شخصيته وتنبئ عن شجاعته: موقفه من «قازان» سلطان التتار- مع ما اشتهر عنهم من التسلط والظلم والبربرية- فقد ذهب إليه شيخ الإسلام مع مجموعة من تلامذته، وكلّمه بشدة ومما قاله له: «أنت تزعم أنك مسلم ومعك مؤذن وقاض وإمام وشيخ على ما بلغنا، فغزوتنا وغزوت بلادنا على ماذا؟ ... إلى أن قال: وأنت عاهدت فغدرت، وقلت فما وفيت» ولما قربوا الطعام، فأكلوا إلا شيخ الإسلام، فقيل له: ألا تأكل؟ فقال: كيف آكل من طعام وكله مما نهبتم من أغنام الناس، وطبختموه بما قطعتم من أشجار الناس.
ووقعت له معه أمور تبين مقدار ما يتمتع به شيخ الإسلام من قوة وشجاعة يعجز عنها الوصف (?).
وكان إذا حضر الجهاد مع المسلمين يشجعهم ويثبتهم، ويعدهم النصر، ويقوي عزائمهم حتى كأنه هو القائد وهو الأمير وهو السلطان، وما هو إلا واحد من الجند.
ولم أر أمثال الرجال تفاوتوا لدى الفضل حتى عدّ ألف بواحد قال عنه الذهبي: «وأما شجاعته فبها تضرب الأمثال، وببعضها يتشبه أكابر الأبطال» اه (?).