لم يتم، فكيف إذا لم تقرر مقدماته بل ولا تثبت ونحن نزيد على ما ذكره على وجه تقريره.
فأما قوله: (فالدليل على وجوده الممكنات لاستحالة وجودها بنفسها، واستحالة وجودها بممكن آخر ضرورة استغناء المعلول بعلته عن كل ما سواه وافتقار الممكن إلى علته)؛ فهذا الدليل مبني على مقدمتين:
إحداهما: أن الممكنات موجودة.
والثانية: أن الممكن لا يوجد إلا بواجب الوجود.
والمقدمة الأولى لم يقررها بحال ولا يمكن أن يسلك في ذلك طريقة ابن سينا (?)، وأمثاله من المتفلسفة الذين قالوا: نفس الوجود يشهد بوجود واجب الوجود (?)، فإن الوجود إما ممكن وإما واجب والممكن مستلزم للواجب فثبت وجود الواجب على هذا التقرير.
فإن هذه الطريقة وإن كانت صحيحة بلا ريب لكن نتيجتها إثبات وجود واجب، وهذا لم ينازع فيه أحد من العقلاء المعتبرين ولا هو من المطالب العالية، ولا فيه إثبات الخالق ولا إثبات وجود واجب أبدع السموات والأرض كما يسلمه الإلهيون من الفلاسفة كأرسطو وأتباعه المشائين، وإنما فيه أن الوجود وجود واجب، وهذا يسلمه منكروا الصانع كفرعون والدهرية المحضة من الفلاسفة والقرامطة (?) ونحوهم ويقولون إن هذا الوجود واجب الوجود بنفسه وإلى هذا يؤول أهل الوحدة القائلين بأن الوجود واحد فإنهم يقولون في آخر الأمر: ما ثم موجود مباين للسماوات والأرض، وما ثم غير وجود الموجود الممكن.