أنه يستلزم أحد نوعي الإرادة كما سنبين إن شاء الله، والإنشاء يتضمن الأمر والنهي والإباحة، والله تعالى يوصف بأنه يأمر بالخير وينهى عن الشر فهو سبحانه لا يأمر بالفحشاء، وكذلك الإرادة قد نزه نفسه عن بعض أنواعها بقوله تعالى: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (?).
وقوله: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (?) فلهذا لم يجئ في أسمائه الحسنى المأثورة: المتكلم والمريد.
وأما ما يوصف به الرب من الكلام والإرادة، فقد دلت عليه أسماؤه الحسنى، وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن الله تعالى متكلم بكلام قائم به وأن كلامه غير مخلوق (?)، وأنه مريد بإرادة قائمة به، وأن إرادته ليست مخلوقة، وأنكروا على الجهمية (?) من المعتزلة وغيرهم الذين قالوا: إن كلام الله مخلوق خلقه في غيره وإنه كلّم موسى بكلام خلقه في الهواء.
واتفق سلف الأمة وأئمتها على أن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود ومعنى قولهم: منه بدأ أي هو المتكلم به لم يخلقه في غيره كما قالت الجهمية من المعتزلة وغيرهم أنه بدأ من بعض المخلوقات وأنه سبحانه لم يقم به كلام، ولم يرد السلف أنه كلام فارق ذاته فإن الكلام وغيره من الصفات لا تفارق الموصوف بل صفة المخلوق لا تفارقه وتنتقل إلى غيره فكيف تكون صفة الخالق تفارقه وتنتقل إلى غيره؟ ولهذا قال الإمام أحمد: كلام الله من الله ليس ببائن منه، ورد بذلك على الجهمية المعتزلة وغيرهم الذين يقولون كلام الله بائن منه خلقه في بعض الأجسام، ومعنى قول السلف: إليه يعود ما