عذاب القبر ومنكر ونكير وغير ذلك من أحوال القيامة والصراط والميزان، والشفاعة والجنة والنار، فإنه حق، فإن هذه الأسماء المقدسة المذكورة لله تعالى منها ما هو في كتاب الله تعالى كاسمه الواحد والعالم والقادر والحي والسميع والبصير.
قال تعالى: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ «1» وقال تعالى: رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (15) يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (16) «2» وقال تعالى: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ «3» وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ «4» وقال تعالى: وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) «5» وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «6» وقال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ «7» ومثل هذا في القرآن كثير.
أما تسميته سبحانه بأنه مريد وأنه متكلم فإن هذين الاسمين لم يردا في القرآن ولا في الأسماء الحسنى المعروفة، ومعناهما حق، ولكن الأسماء الحسنى المعروفة هي التي يدعى الله بها، وهي التي جاءت في الكتاب والسنة وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها، والعلم والقدرة والرحمة ونحو ذلك وهي في نفسها صفات مدح، والأسماء الدالة عليها أسماء مدح.
أما الكلام والإرادة: فلما كان جنسه ينقسم إلى محمود كالصدق والعدل، وإلى مذموم كالظلم والكذب، والله تعالى لا يوصف إلا بالمحمود دون المذموم، جاء ما يوصف به من الكلام والإرادة في أسماء تخص المحمود كاسمه الحكيم والرحيم والصادق والمؤمن والشهيد والرءوف والحليم والفتاح ونحو ذلك مما يتضمن معنى الكلام ومعنى الإرادة.
فإن الكلام نوعان: إنشاء وإخبار، والإخبار ينقسم إلى صدق وكذب، والله تعالى يوصف بالصدق دون الكذب، والإنشاء نوعان: إنشاء تكوين وإنشاء تشريع، فإنه سبحانه له الخلق والأمر، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، والتكوين يستلزم الإرادة عند جماهير الخلائق، وكذلك يستلزم الكلام عند أكثر أهل الإثبات، وأما التشريع فيستلزم الكلام وفي استلزامه الإرادة نزاع، والصواب