قال المصنف: (ثم نقول كل ما أخبر به محمد صلى الله عليه وسلم من عذاب القبر ومنكر ونكير وغير ذلك من أهوال القيامة والصراط والميزان والشفاعة والجنة والنار فهو حق لأنه ممكن وقد أخبر به الصادق فيلزم صدقه).
والكلام على هذا في فصول:
أحدها: أن يقال إن هذه العقيدة اشتملت على الكلام في الإيمان بالله سبحانه وبرسله واليوم الآخر، ولا ريب أن هذه الأصول الثلاثة هي أصول الإيمان الخبرية العلمية، وهي جميعها داخلة في كل ملة وفي إرسال كل رسول، فجميع الرسل اتفقت عليها كما اتفقت على أصول الإيمان العملية أيضا، مثل إيجاب عبادة الله تعالى وحده لا شريك له وإيجاب الصدق والعدل وبر الوالدين، وتحريم الكذب والظلم والفواحش فإن هذه الأصول الكلية علما وعملا هي الأصول التي اتفقت عليها الرسل كلهم، والسور التي أنزلها الله تعالى على نبيه عليه الصلاة والسلام قبل الهجرة التي يقال لها السور المكية تضمنت تقرير هذه الأصول كسورة الأنعام والأعراف وذوات الر وحم وطس ونحو ذلك، والإيمان بالرسل يتضمن الإيمان بالمكتوب وبمن نزل بها من الملائكة، وهذه الخمسة هي أصول الإيمان المذكورة في قوله تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ (?) وفي قوله عز وجل: وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً (?).
وهي التي أجاب بها النبيّ صلى الله عليه وسلم لما جاءه جبريل في صورة أعرابي وسأله عن الإيمان فقال: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت