فصل [دلائل نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم]

قال المصنف: (والدليل على نبوة الأنبياء المعجزات، والدليل على نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم القرآن المعجز نظمه ومعناه).

قلت: قد تبين أن النبوة تعلم بالمعجزات وبغيرها على أصح الأقوال؛ وأما نبوة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام فإنها تعرف بطرق كثيرة:

منها: المعجزات، ومعجزاته منها القرآن، ومنها غير القرآن، والقرآن معجز بلفظه ونظمه ومعناه، وإعجازه يعلم بطريقين جملي وتفصيلي، أما الجملي فهو أنه قد علم بالتواتر أن محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم ادعى النبوة وجاء بهذا القرآن، وأن في القرآن آيات التحدي والتعجيز كقوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (32) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (34) «1».

فتحداهم هنا أن يأتوا بمثله.

وقال في موضع آخر: قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ «2» وقال في موضع آخر: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ «3» وأخبر مع ذلك أنهم لن يفعلوا فقال: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (24) «4».

بل أخبر أن جميع الإنس والجن إذا اجتمعوا لا يأتون بمثله فقال تعالى:

قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88) «5».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015