بما نصبه من الأدلة المعاينة الحسية التي يعقل بها نفسها وبالأمثال المضروبة وهي الأقيسة العقلية ما يمتنع معه خفاء كذب الكاذب بل يمتنع معه خفاء كذب الكاذب بل يمتنع معه خفاء صدق الصادق، فالدجال مثلا قد علم بوجوه متعددة ضرورية أنه ليس هو الله وأنه كافر مفتقر وإذا كانت دعواه معلوما كذبها ضرورة لم يكن ما يأتي به من الشبهات مصدقا لها، إذ العصمة الضرورية لا تقدح فيها الطرق النظرية فإن الضروريات أصل النظريات فلو قدح بها فيها لزم إبطال الأصل بالفرع فيبطلان جميعا فإنه يظهر أيضا من عجزه ما ينفي دعواه.

وكذلك من أباح الفواحش والمظالم والشرك والكذب مدعيا للنبوة يعلم بالاضطرار كذبه، للعلم الضروري بأن الله سبحانه لا يأمر بهذا سواء قيل أن العقل يعلم به حسن الأفعال وقبحها أو لا يعلم به، فليس كلما أمكن في العقل وقوعه، وكان الله قادرا عليه يشك في وقوعه، بل نحن نعلم بالضرورة أن البحار لم تقلب دما، وأن الجبال لم تقلب يواقيت وأمثال ذلك من المعادن، وإن لم يسند ذلك إلى دليل معين، وإن كنّا عالمين بأن الله تعالى قادر على قلب ذلك لكن العلم بالوقوع وعدمه شيء، والعلم بإمكان ذلك من قدرة الله سبحانه شيء، وكل ذي فطرة سليمة يعلم بالاضطرار أن الله تعالى لا يأمر عباده بالكذب والظلم والشرك والفواحش وأمثال ذلك ممّا قد يأتي به كثير من الكذابين بل يعلم بفطرته السليمة ما يناسب حال الربوبية، وهذا باب واسع ليس هذا موضع بسطه ولكن نذكر ما أشار إليه مصنف العقيدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015