بِهِ مُوسى «1» وهذا الكتاب ظهر فيه من الآيات والبينات واتبعه كل الأنبياء والمؤمنين وحصل فيه ما لم يحصل في غيره، فكانت البراهين والدلائل على صدقه أكثر وأظهر من أن تذكر بخلاف الإنجيل وغيره.
وأيضا فإنه أصل والإنجيل تبع له إلا فيما أحله المسيح وهذا كما يقول سبحانه: أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا «2» أي القرآن والتوراة، وفي القراءة الأخرى قالوا: ساحران أي محمد والقرآن وكذلك قوله:
إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) «3» وكذلك قوله: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً «4» وكذلك قول الجن: إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ «5»، ولهذا كانت قصة موسى هي أعظم قصص الأنبياء المذكورين في القرآن وهي أكبر من غيرها وتبسط أكثر من غيرها.
قال عبد الله بن مسعود: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة نهاره يحدثنا عن بني إسرائيل «6».
ولما قرر الصدق بين حال الكذابين بأنهم ثلاثة أصناف، إذ لا يخلو الكذاب من أن يضيف الكذب إلى الله تعالى ويقول: إنه أنزله أو يحذف فاعله ولا يضيفه إلى أحد أو أن يقول إنه هو الذي وضعه معارضا، فقال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ «7».
وأما المخبر عنه فإنه الله تعالى، ولا ريب أنه يعلم من أمور الرب سبحانه