يمكن للشخص أن يأخذ من خلالها حكما أوليّا على المكانة العلمية الواسعة والشاملة لهذا الرجل.

ويكفيه فخرا واعتزازا أن له الفضل- بعد الله- في تجديد ما اندرس من المنهج السلفي القائم على الكتاب والسنة، ودعوة الناس من جديد للعودة إلى هذا المعين الصافي والأخذ منه مباشرة، وقد كان لذلك الأثر الكبير على الأمة الإسلامية إلى يومنا هذا.

يقول عبد الله بن حامد في معرض كلامه على مدى تأثره بشيخ الإسلام، وأنه كان سببا في هدايته للحق والصواب، بعد أن فتش في كتب أهل الكلام، متقدميهم، ومتأخريهم باحثا عن النهج السويّ، والطريق المستقيم، يقول- رحمه الله: «وكنت قبل وقوفي على مباحث إمام الدنيا رحمه الله، قد طالعت مصنفات المتقدمين، ووقفت على مقالات المتأخرين من أهل الإسلام، فرأيت فيها الزخارف والأباطيل والشكوك التي يأنف المسلم الضعيف في الدين أن تخطر بباله، فضلا عن القوي في الدين، فكان يتعب قلبي ويحزنني ما يصير إليه الأعاظم، من المقالات السخيفة، والآراء الضعيفة التي لا يعتقد جوازها آحاد الأمة، وكنت أفتش على السنّة المحضة في مصنفات المتكلمين من أصحاب الإمام أحمد على الخصوص، لاشتهارهم بمنصوصات إمامهم في أصول العقائد، فلا أجد عندهم ما يكفي، وكنت أراهم يتناقضون ... إلى أن قال: فإذا جمعت بين أقاويل المعتزلة، والأشعرية، وحنابلة بغداد وكرامية خراسان، أرى إجماع هؤلاء المتكلمين في المسألة الواحدة على ما يخالف الدليل العقلي والنقلي، فيسوءني ذلك وأظل أحزن حزنا لا يعلم كنهه إلا الله ... إلى أن قال: إلى أن قدّر الله سبحانه وقوع تصنيف الإمام إمام الدنيا في يدي قبيل واقعته الأخيرة بقليل، فوجدت فيه ما يبهرني في موافقة فطرتي، لما فيه من عزو الحق إلى أئمة السنّة وسلف الأمة مع مطابقة المعقول والمنقول، فبهتّ لذلك سرورا بالحق، وفرحا بوجود الضالة التي ليس لفقدها عوض ... » (?).

وقال شهاب الدين أحمد بن مري الحنبلي- أحد تلامذة الشيخ- في رسالة إلى تلاميذ الشيخ يحثهم فيها على جمع مؤلفاته، يقول في معرض ذلك: «فإن يسر الله تعالى وأعان على هذه الأمور العظيمة صارت إن شاء الله مؤلفات شيخنا ذخيرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015