قائما بتلك العين كان مخلوقا كقوله في عيسى وَرُوحٌ مِنْهُ (?) وقوله: وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ (?) وقوله تعالى: وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ (?).
وأما ما كان صفة لا تقوم بنفسها ولم يذكر لها محل غير الله كان صفة له فكالقول والعلم والأمر إذا أريد به المصدر كان المصدر من هذا الباب كقوله تعالى: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ (?) وإن أريد به المخلوق المكون بالأمر كان من الأول كقوله تعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ (?).
وبهذا يفرق بين كلام الله سبحانه، وعلم الله، وبين عبد الله وبيت الله وناقة الله وقوله: فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (?) وهذا أمر معقول في الخطاب فإذا قلت: علم فلان وكلامه ومشيئته لم يكن شيئا بائنا عنه، والسبب في ذلك أن هذه الأمور صفات لما تقوم به فإذا أضيفت إليه كان ذلك إضافة صفة لموصوف إذ لو قامت بغيره لكانت صفة لذلك الغير لا لغيره.
واعلم أن الاستدلال على الكلام بمثل هذه السمعيات أكمل من الاستدلال على السمع والبصر بالسمعيات لأن ما أخبر الله به عن نفسه من قوله وكلامه وإنبائه وقصصه وأمره ونهيه وتكليمه وندائه ومناجاته وأمثال ذلك أضعاف وأضعاف ما أخبر به من كونه سميعا بصيرا.
وأيضا فإنه نوّع الإخبار عن كل نوع من أنواع الكلام وثنى ذلك وكرره في مواضع ولا يحصى ما في القرآن من ذلك إلا بكلفة، ومن المعلوم بالاضطرار أن المخاطبين لا يفهمون من هذا الكلام عند الإطلاق أنه خلق صوتا في غيره وإنما يفهمون منه أنه هو الذي تكلم بذلك وقاله كما قالت عائشة في حديث الإفك:
«ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بوحي يتلى» (?) فلو كان المراد