الوجه الثاني في المسألة: أن جماهير المتكلمين لما قصروا دليل النبوة على المعجزة، نفى طوائف منهم كرامات الأولياء، وكذا حقيقة السحر، لأنهم فسرو المعجزة بأنها الخارق للعادة على جهة التحدي، قالوا: ولو أثبتنا كرامات الأولياء، وخوارق السحرة والكهان، لكان هذا يمكن أن يكون مماثلاً لدليل النبوة.
ولا شك أن كرامات الأولياء ثابتة بإجماع أهل السنة والجماعة، وقد ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه في قصة الفتية أهل الكهف؛ حيث آتاهم الله تلك الكرامة المذكورة في سورة الكهف، وقد ثبتت الكرامة لغير واحد من الأمة، وعلى هذا أجمع السلف.
وكذلك ما يقع من خوارق الكهان والسحرة والعرافين والرمالين، فإن هذا ثابت، ولا يقال: إنه يختلط مع دليل النبوة، فإن ثمة فرقاً بين المقامين، من جهة القائم به، ومن جهة الفعل نفسه.