لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم اختلاف في مسائل أصول الدين، وكذلك في زمن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، إلا في آخر خلافة الخلفاء لما ظهرت الخوارج.
وكان أول غلط وقع هو الغلط في مسألة الإيمان، وما يتعلق بها من الأسماء والأحكام -أي: حكم أهل الكبائر- وكان ذلك في آخر خلافة الخلفاء الأربعة الراشدين.
ثم بعد انقراض عصر الخلفاء وفي آخر عصر الصحابة وبعد إمارة معاوية -أي: في زمن الفتنة التي كانت بين ابن الزبير وبني أمية- ظهر الخلاف في القدر، ثم بعد عصر الصحابة وفي قرن التابعين ظهر الخلاف في مسألة الصفات، وهلم جراً من التسلسل الذي ظهرت به البدع المخالفة لمعتقد السلف رحمهم الله، وهم أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ومن اتبعهم وسار على منهجهم.
وإذا ذكر السلف فإن المراد بهم الصحابة ومن اقتدى بهم، على ما جاء في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [التوبة:100].
وعليه: فإن تخصيصه لـ أبي حنيفة وصاحبيه على التحقيق المتقدم ليس له ذاك الاختصاص، وإنما هو نوع من البيان والذكر، وإلا فإن عقيدة أبي حنيفة وصاحبيه هي عقيدة سائر الأئمة.