أحياناً تقع الإشكالات عند بعض المعاصرين في مسائل بينة، كمسألة سب الله أو سب نبيه، يكثر بعضهم من الجدل والخوض الذي لا معنى له في مسألة شرط الاعتقاد أو عدم شرط الاعتقاد، وهذا كله قدرٌ من التكلف.
ومعلوم أن سب الله أو سب رسوله عليه الصلاة والسلام كفرٌ بإجماع المسلمين، ولكن من الغلط أن يُقال: إن من لم يكفّر من سب الله أو سب نبيه فهو على قول المرجئة؛ لأن المرجئة كانوا يكفرون بذلك، وقد حكى أبو المعالي الجويني -وهو من المرجئة الأشعرية- والرازي وغيرهما إجماع المسلمين على أن هذا كفر، وليس هناك أحدٌ في المسلمين يخالف ذلك.
وإنما قد يقع بعض الإشكال في بعض الصور التي يتردد فيها في مسألة ثبوت العلم عند القائل في كون الكلام من السب مثلاً، أو في كون هذا هو القرآن، أو نحو ذلك على صورٍ يفرضها من يفرضها في بعض أحوال الجدل أو المناظرة أو المباحثة؛ فهذه مسائل لا ينبغي كثرة شغل الناس بها؛ لأنها مسائل محكمة، ومعلومٌ أن من نطق عاقلاً فسب الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم؛ أنه يكون كافراً ولا بد.
وأما إذا كان في حالٍ من الإغماء أو في حال من فقد العقل، أو غير ذلك من الصور التي تعرض؛ فمن البدهي في العقل والشرع أن مثل هذه الأحوال لا يؤاخذ بها العبد، فإن الكفر لا يكون إلا على قدرٍ من التكليف المصاحب لحال العبد عند وقوعه، أو عند الحكم به عليه.