وهذا مبني على مسألة، وهي أن كل من ثبت كفره ظاهراً في نفس الأمر، لزم أن يكون في الباطن كافراً؛ لامتناع اجتماع الكفر الأكبر مع شيء من الإيمان الصحيح.
حتى ولو أريد بالإيمان الأصل، فإنه معلوم أن من كان كافراً عند الله سبحانه وتعالى كفراً أكبر، أنه يمتنع أن يكون معه شيء من الإيمان الصحيح، وهذه من بدائه المسائل المعروفة بأوائل الشرع وأوائل العقل، وهي حقيقة مجمع عليها.
وهذا بخلاف العلم أو المعرفة القلبية، فإن العلم في سائر موارده لا يلزم أن يكون هو الإيمان الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس كل وجه من أوجه العلم والمعرفة هو الإيمان الذي يحصل به الاستجابة لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وعليه فإذا قيل: إن العمل أصل في الإيمان وأن تارك العمل مطلقاً يكون كافراً، لزم من هذا أن يكون كافراً ظاهراً وباطناً، ذلك أن من كان كافراً ظاهراً يمتنع أن يكون في الباطن مؤمناً، ويمتنع أنه يوافي ربه بكفر ظاهر يوجب الخلود في النار، وبإيمان باطن يوجب النجاة من النار، بخلاف من يكون في الباطن كافراً، فإنه قد يكون في الظاهر على الإسلام، كحال المنافقين الذين أظهروا الإسلام، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: اتفق العلماء على أن المنافقين يدخلون في اسم الإسلام، ولا يدخلون في اسم الإيمان.