قد يقول قائل: إن هذا من باب لازم المذهب، وإن لازم المذهب ليس مذهباً.
فيقال: أما من جهة الأحكام المعادية فإن هذا من لازم المذهب، بمعنى: أنه لا يُحكم على أحد حكماً معادياً من جهة لازم مذهبه، ولكن عند التحقيق العلمي فإن هذا المعنى هو حقيقة مذهب هؤلاء، فإن تعطيل الصفات لم يكن معروفاً حتى في مشركي العرب، فليس هو فرعاً عن سائر أنواع الكفر، وإنما هو فرع عن كفر ملاحدة الفلاسفة كـ أرسطو وأمثاله الذين ما كانوا يثبتون رباً خالقاً للعالم، وإنما كانوا يثبتون ما يسمونه علة غائية يقارنها معلولها، وتقدم العلة على المعلول عندهم إنما هو في الشرف والعلية وليس بالزمان، وهو مذهب إلحادي، ولم يكن أرسطو على دين سماوي بل ولا حتى على دين محرَّف، فإنه كان قبل المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام بثلاثمائة سنة، وكان رجلاً ملحداً كافراً متفلسفاً خرج عن طريقة أستاذه أفلاطون المثالية إلى طريقة زعم أنها طريقة عقلية تقوم على التجريد العقلي، وتقوم على تعطيل الباري سبحانه وتعالى عن خلقه ووجوده وصفاته.