القوة الكامنة في النفس لقبول الحق إذا لم يحصل ما يفسد الفطرة

قال رحمه الله تعالى: [ومنها: أن يقال: من المعلوم أن كل نفس قابلة للعلم وإرادة الحق، ومجرد التعليم والتحضيض لا يوجب العلم والإرادة لولا أن في النفس قوة تقبل ذلك، وإلا فلو علّم الجماد والبهائم وحضضا لم يقبلا.

ومعلوم أن حصول إقرارها بالصانع ممكن من غير سبب منفصل من خارج، وتكون الذات كافية في ذلك، فإذا كان المقتضي قائماً في النفس وقدر عدم المعارض؛ فالمقتضي السالم عن المعارض يوجب مقتضاه، فعلم أن الفطرة السليمة إذا لم يحصل لها ما يفسدها؛ كانت مقرة بالصانع عابدة له].

المقتضي السالم: هو الفطرة السليمة، والسالم عن المعارض يعني: عما يحجب هذه الفطرة عن الاستدلال على الخير، فالفطرة الأصل فيها أن تقتضي الدلالة على الخير والدلالة على الهدى والدلالة على الصلاح والإصلاح، هذا هو المقتضي للفطرة، فإذا سلمت هذه الفطرة من المعارض فإنها تبقى دالة على وجود الله تعالى وعلى طاعته وعبادته، ليس على الوجود فقط؛ لأن الوجود قل أن تنزع إلى إنكاره، لكن قد تنكر ما بعد ذلك من عبادة الله تعالى ومن طاعته واتباع أوامره، والمعارض: هو التربية السيئة أو الهوى أو الشهوة أو الشبهة أو وساوس الشيطان أو نحو ذلك، هذه كلها قد تحجب الفطرة عن الحق، فإذا سلمت الفطرة وبقيت على نقاوتها بقيت مستعدة للإقرار بتوحيد الإلهية تبعاً لتوحيد الربوبية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015