ما نفهمه من هذه الخلاصة مما هو معلوم ويجب أن يعلم: أن كل النصوص التي أوردها المؤلف إنما هي في كبائر الذنوب التي لا تخرج من الملة، ولذلك نجد أن مشكلة الخوارج أنهم كفروا بالذنوب بناء على النصوص السابقة، بناء على اشتباه الأمر عندهم في النصوص السابقة، حيث ظنوا أن الكفر الذي أطلق في القرآن أو أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم في مثل الآيات والأحاديث السابقة يعني الكفر المخرج من الملة؛ لأنهم ما ردوا النصوص بعضها إلى بعض، ولا فقهوا معاني الكفر وإطلاقاته في الشرع، ذلك أن الكفر في الشرع أطلق على عدة معان، وأن ذلك معلوم بالضرورة؛ لأنه حدثت هذه الأمور في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
فالأمور التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: إنها كفر حدث منها أشياء كثيرة في وقته، فهل كفر النبي صلى الله عليه وسلم من فعلها وأخرجه من الملة وحكم بردته؟!
و صلى الله عليه وسلم أن العكس هو الذي حصل؛ إذ لما رأى من يلعن شارب الخمر زجره وشهد للشارب بالإيمان.
ثم إن الصحابة تعلموا ذلك، فلذلك لما كثرت مظاهر هذه الأفعال في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من الصحابة ما كفروا أصحابها.
ثم إن الخوارج ظهروا في عهد الصحابة فكفروا بهذه النصوص، فخالفهم الصحابة وقاتلوهم على ذلك.
إذاً: المسألة واضحة، وأنا أعجب من تلبيس بعض الناس على بعض طلاب العلم في هذه المسألة، أعجب لأني رأيت العجب فعلاً من بعض الذين يأتون ليناقشونا ويسألوا عن بعض المسائل، حيث تجد الواحد منهم يقول: قال فلان كذا، وأورد الحديث، فما جوابي على الحديث؟! فأقول: كيف تقول: ما جوابي؟! وكأن الحديث نزل تواً، أما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في وقته، وسمع الصحابة ثم التابعون مثل هذا النص؟! أما أعرفت أن هذه القضية هي القضية الكبرى بين الخوارج وبين أهل السنة؟! فينسى لأنه قد لا يقرأ، أو لقلة تمعنه في هذه الأمور، فيأتيه من صغار المتحذلقين من يورد الإشكال على ذهنه.
وأقول: لا ينبغي لطلاب العلم أن تفوتهم هذه الأمور، فينبغي أن يؤسسوا علمهم على أصول، خاصة في مثل هذه القضايا الخطيرة التي بدأت تثار الآن، وأصبحت من الأمور التي تشكل خطراً على عقائد أهل السنة والجماعة وعلى مناهجهم وعلى أبنائهم، فيجب على الناس أن يتبصروا في مثل هذه الأمور.