الإيمان بالملائكة وحقيقتهم عند أتباع الرسل

قال رحمه الله تعالى: [وأما الملائكة فهم الموكلون بالسماوات والأرض، فكل حركة في العالم فهي ناشئة عن الملائكة].

هذه الكلمة مجملة، أعني قوله: [فكل حركة في العالم فهي ناشئة عن الملائكة] ففيها نوع تجوز، ولاشك أن الله عز وجل جعل للملائكة وظائف في الكون، وكل ذلك بإذن الله ومشيئته، ولا يخرج عن تدبيره وعن أمره وربوبيته سبحانه، لكن القول بأن كل حركة في العالم ناشئة عن ملائكته قد يكون فيه نظر؛ لأنه قد ورد في بعض النصوص أن هناك أموراً تحدث بهذه الأسباب، أي: بما جعله الله عز وجل من أعمال الملائكة الموكلين بالسماوات والأرض، وأموراً تكون بقدرة الله المحضة، كما ورد من أن الله عز وجل خلق آدم بيده، وخلق عيسى بن مريم بيده، وتولى كثيراً من أمر خلقه بيده سبحانه.

كما أن هناك من الأمور ما يحدث بأسباب مباشرة، أي: يكون وجوده وخلقه بأسباب جعلها الله عز وجل، وهناك ما يكون بمجرد قول الله عز وجل: (كن).

فتدبير الله للعالم يكون بفعله وبقوله، ويكون بيده سبحانه، ويكون أيضاً بتسخيره للملائكة، وبأمره لهم.

قال رحمه الله تعالى: [وأما الملائكة فهم الموكلون بالسماوات والأرض، فكل حركة في العالم فهي ناشئة عن الملائكة، كما قال تعالى: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النازعات:5]، {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} [الذاريات:4].

وهم الملائكة عند أهل الإيمان وأتباع الرسل، وأما المكذبون بالرسل المنكرون للصانع فيقولون: هي النجوم].

هناك من فسر بعض هذه الآيات -المقسمات، والمدبرات، وكذلك المرسلات والناشرات والفارقات والنازعات والناشطات والسابحات- فسرها بالملائكة، ومنهم من فسرها بأمور أخرى لكنها ترجع أيضاً إلى أن الملائكة هي أسباب في هذه التفسيرات، ومنهم من فسر بعض هذه الأمور بالسحاب، وبعضها بالرياح المرسلة من الله عز وجل، وبعضها بأمور أخرى هي من خلق الله عز وجل، ومن الأسباب التي جعلها الله عز وجل أسباباً في هذا الكون، لكن هذا لا يمنع من تفسيرها بالملائكة؛ لأنه معلوم أنا إذا فسرنا بعض هذه الألفاظ بالرياح فالرياح أيضاً وكل الله بها الملائكة، وإذا فسرنا بعضها بالسحاب والمطر فإن الله عز وجل وكل بالسحاب والمطر طائفة من الملائكة، فتفسيرها ببعض المخلوقات راجع إلى أمر الله للملائكة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015