قال رحمه الله تعالى: [وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتأخذن أمتي مآخذ القرون قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع، قالوا: فارس والروم؟ قال: فمن الناس إلا أولئك).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية كان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقوا على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي).
رواه الترمذي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة)، رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة -يعني: الأهواء- كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة).
وأكبر المسائل التي وقع فيها الخلاف بين الأمة: مسألة القدر، وقد اتسع الكلام فيها غاية الاتساع].
لذلك كانت كل الفرق التي انحرفت عن السنة والجماعة عندها مخالفة في القدر، بمعنى أنها تتفق على الخروج عن السنة في مسألة القدر إما خروجاً جزئياً وإما خروجاً كلياً، فأولها القدرية الخالصة، وآخرها: أهل الكلام المتأخرين من الأشاعرة والماتريدية، فقد خالفوا السنة في بعض مسائل القدر.
إذاً: الخروج عن السنة والخروج عن الحق في مسألة القدر قاسم مشترك بين جميع أهل الأهواء، فهو من المسائل التي تتفق عليها فرق الضلال وإن تفاوتت أقوالهم، مع أنها قد تختلف في المسائل الأخرى من مسائل الاعتقاد، أي أن بعضها قد يكون له قول صحيح في بعض مسائل الاعتقاد.