قال رحمه الله تعالى: [وقوله: (والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان) إلى آخره، التعمق: هو المبالغة في طلب الشيء.
والمعنى: أن المبالغة في طلب القدر والغوص في الكلام فيه ذريعة الخذلان، والذريعة: الوسيلة، والذريعة والدرجة والسلم متقاربة المعنى.
وكذلك الخذلان والحرمان والطغيان متقارب المعنى أيضاً، لكن الخذلان في مقابلة النصر، والحرمان في مقابلة الظفر، والطغيان في مقابلة الاستقامة].
يقصد بذلك أن الكلام في القدر بأكثر مما ورد في النص والتمادي في إثارة الشكوك وإثارة الأسئلة والإشكالات في القدر لا يزيد الإنسان علماً ولا يقيناً ولا إيماناً، فالقدر سر الله في خلقه، ولابد من الوقوف على ما جاء فيه من النصوص في الكتاب والسنة، ثم إن القدر لا يمكن لأحد من الخلق أن يأتي فيه بجواب بأكثر مما ورد عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
فتطاول العقول وتعمق الأفكار والوساوس في القدر لا يزيد الإنسان إلا خذلاناً، ولا يزيده إلا غواية وضلالة وبدعة وشكوكاً، وربما يصاب بشيء من الوساوس التي تبقى في نفسه فلا تمحى إلا بصعوبة، وربما تهلكه، فعلى أي حال: يجب على المسلم أن يحذر كل الحذر من إثارة الأسئلة والإشكالات في القدر، وإذا ثارت الأسئلة في أمر عارض فإن على الإنسان أولاً أن يعود إلى مبدأ التسليم، ويحاول أن يصرف ذهنه عما يرد إليه من شكوك وإشكالات، فإن استطاع وإلا فليحاول تلاوة آيات القدر وأحاديث القدر لعله بذلك يشفى قلبه، فإن لم يستطع فليسأل أهل العلم، فإن لم يصل إلى نتيجة فليضرع إلى الله عز وجل بأن يشفيه ويعافيه.