والشهرستاني هو ممن عرفتم في شهرته في تقرير علم الكلام وانتصاره له، وفي استنقاصه للسلف وكلامه فيهم وتجاهله لمذهبهم، وإعجابه بالكلام والفلسفة، ومع ذلك ينتهي إلى هذه النهاية المؤلمة التي أعلن عنها في آخر المطاف، فقد ذكر أنه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم -نسأل الله السلامة- حيث قال: لعمري لقد طفت المعاهد كلها وسيرت طرفي بين تلك المعالم يعني مدارس الفكر الكلامي والفلسفي والخوض في مثل هذه الأمور، بمعنى: أنه جرب ودرس وتشرب هذه المذاهب كلها، وحاول أن يعرف طريق الحق، وأخيراً عبر التعبير الرائع الذي لا يعبره إلا من عانى، فقال: (فلم أر إلا واضعاً كف حائر)، وهذا تصوير عظيم، (على ذقن أو قارعاً سن نادم).
وكلا الأمرين مؤلم ومؤسف، الحيرة والندم.