قال رحمه الله تعالى: [والمحبة مراتب: أولها: العلاقة، وهي تعلق القلب بالمحبوب].
هذه المراتب التي سيذكرها الشارح هنا ذكرها ابن القيم، وهذه المراتب اجتهادية ليست توقيفية، وابن القيم رحمه الله له في المسائل التعبدية طرق وأمور جيدة ومفيدة، لكن ذكره للمراتب لا يعني أنها توقيفية، بمعنى أن هذه المراتب تقرر على أنها مراتب شرعية يوقف عندها ولا يتعداها أو أنها لا تناقش، بل هي توسع من ابن القيم رحمه الله واستقراء لمعاني المحبة الشرعية واللغوية، فصنفها على هذا النحو، فترتيبها ليس بلازم، وتعدادها ليس بلازم، إنما هي نوع توسع أشبه بالموعظة.
قال رحمه الله تعالى: [والمحبة مراتب: أولها: العلاقة: وهي تعلق القلب بالمحبوب.
والثانية: الإرادة: وهي ميل القلب إلى محبوبه وطلبه له.
الثالثة: الصبابة: وهي انصباب القلب إليه بحيث لا يملكه صاحبه، كانصباب الماء في الحدور.
الرابعة: الغرام: وهي الحب اللازم للقلب، ومنه الغريم لملازمته، ومنه: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان:65].
الخامسة: المودة والود: وهي صفو المحبة وخالصها ولبها، قال تعالى: {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم:96].
السادسة: الشغف: وهي وصول المحبة إلى شغاف القلب.
السابعة: العشق: وهو الحب المفرط الذي يخاف على صاحبه منه، ولكن لا يوصف به الرب تعالى ولا العبد في محبة ربه، وإن كان قد أطلقه بعضهم.
واختلف في سبب المنع فقيل: عدم التوقيف.
وقيل غير ذلك، ولعل امتناع إطلاقه أن العشق محبة مع شهوة.
الثامنة: التتيم: وهو بمعنى التعبد.
التاسعة: التعبد.
العاشرة: الخلة: وهي المحبة التي تخللت روح المحب وقلبه.
وقيل في ترتيبها غير ذلك، وهذا الترتيب تقريب حسن، يعرف حسنه بالتأمل في معانيه.
واعلم أن وصف الله تعالى بالمحبة والخلة هو كما يليق بجلال الله تعالى وعظمته كسائر صفاته تعالى، وإنما يوصف الله تعالى من هذه الأنواع بالإرادة والود والمحبة والخلة حسبما ورد النص.
وقد اختلف في تحديد المحبة على أقوال نحو ثلاثين قولاً، ولا تحد المحبة بحد أوضح منها، فالحدود لا تزيدها إلا خفاءً وجفاءً، وهذه الأشياء الواضحة لا تحتاج إلى تحديد: كالماء والهواء والتراب والجوع والشبع ونحو ذلك].