وللمحقق تعليق على ابن كلاب، حيث قال: [هو رأس المتكلمين بالبصرة في زمانه، وقد عده الشهرستاني والأشعري وابن طاهر البغدادي من متكلمي أهل السنة].
وهذه مسألة فيها تلبيس، فالأشاعرة يعدون أصحابهم من متكلمي أهل السنة، بل يعدون الماتريدية والكلابية والأشاعرة كلهم من متكلمي أهل السنة، والحق أن أهل السنة ليس فيهم متكلم، وهذا يجب أن يفهم، ومن تكلم ممن ينسب إلى أهل السنة والجماعة فأخذ بأصول الكلامي جزئية أو عامة؛ فإنه فيما أخذ به ليس من أهل السنة، فمنهجه فيما أخذ به ليس محسوباً على أهل السنة.
فهذه الكلمة في رأيي أنها شنيعة في حق السلف، فلا يجوز قولنا مثلاً: فلان من متصوفة أهل السنة، أو: فلان من متكلمي أهل السنة، أو: فلان من فلاسفة أهل السنة، فهذا كله خلط لا يجوز، وإن كان قد يرد على ألسنة بعض أهل العلم، لكنه يفسر بتفسير آخر غير المفهوم الذي يقوله هؤلاء الذين يبجلون متكلمي الأشاعرة والماتريدية والكلابية ونحوه.
إذاً: فلا يصح أن يقال: إن ابن كلاب من متكلمي أهل السنة، وإن كان في أمور من أصول الدين وافق أهل السنة والجماعة ولاشك، وله من المقولات المحمودة شيء كثير، لكنَّه مع ذلك خالف أهل السنة في جوانب، ومنها علم الكلام، فنسبته ونسبة كلامه لأهل السنة فيه خطر، فيجب التنبه.
وهناك تعليق آخر يقول عن ابن كلاب: هو عبد الله بن سعيد بن كلاب، كان إمام أهل السنة في عصره وإليه مرجعها.
ولا أدري هل المعلق تبع غيره أم أنه يعتقد هذا؟! ونحن نقول: هو إمام المتكلمين، وليس بإمام أهل السنة لا في وقته ولا بعد وقته، وأهل السنة قدحوا في جانب التكلم فيه وبدعوه في هذا وخطئوه واعتبروا كلامه من كلام الفرق، وعُدَّ من المفارقين للسنة في المقولات التي انفرد بها، وهي المقولات الكلامية، كقوله في كلام الله، وهو من أشهر مقولاته، وسيأتي.