قال رحمه الله تعالى: [فقد دل الكتاب والسنة على ظهور دين الإسلام، وسهولة تعلمه، وأنه يتعلمه الوافد، ثم يولي في وقته].
في هذا إشارة إلى أن أصول الإسلام وقواعد الدين وأركانه وواجباته سهلة التعلم، وليس المقصود هنا تعلم شرائع الدين وأحكامه وفوائده على التفصيل، لا؛ لأنه لا يدرك ذلك أكثر الناس، بل يحتاج إلى التبحر في العلم، ولذلك كلف الله عز وجل طائفة من المؤمنين لتعلم دينه سبحانه وتعالى، لكن إدراك الإجماليات سهل على الجميع، كلف الله به الجميع، لم يعذر أحداً في أن يخل بمعرفة إجماليات الدين بحسب مداركه وبحسب فهمه.
قال رحمه الله تعالى: [واختلاف تعليم النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الألفاظ بحسب من يتعلم، فإن كان بعيد الوطن، كـ ضمام بن ثعلبة، والنجدي، ووفد عبد القيس، علمهم ما لا يسعهم جهله، مع علمه أن دينه سينتشر في الآفاق، ويرسل إليهم من يفقههم في سائر ما يحتاجون إليه، ومن كان قريب الوطن يمكنه الإتيان كل وقت، بحيث يتعلم على التدريج، أو كان قد علم فيه أنه قد عرف ما لا بد منه، أجابه بحسب حاله وحاجته، على ما تدل قرينة حال السائل، كقوله: (قل: آمنت بالله، ثم استقم).
وأما من شرع ديناً لم يأذن به الله، فمعلوم أن أصوله المستلزمة له لا يجوز أن تكون منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن غيره من المرسلين؛ إذ هو باطل، وملزوم الباطل باطل، كما أن لازم الحق حق].
يعني: أن كل من شرع شيئاً وزعم أنه من الدين، سواء كان في العقيدة، أو في العبادة، أو في الأحكام، أو الأعياد أو نحو ذلك من التشريعات؛ فإنها تدخل في مفهوم الدين، بعض الناس قد لا يفهم من الدين إلا العقيدة، وبعض الناس قد لا يفهم من الدين إلا العقيدة والعبادة، لكن الصحيح أن كل من شرع ديناً، حتى وإن كان في أمور الأحكام البسيطة أو في مفردات الأحكام، فإنه يدخل في مفهوم مَنْ شرع ديناً، ما دام ادعى أنه من عند الله وليس من عند الله، ولذلك سمي هؤلاء الذين خالفوا في العقيدة: أهل بدع، والذين خالفوا في العبادة: أهل بدع، والذين شرعوا أحكاماً من دون شرع الله عز وجل: أهل بدع، والذين شرعوا أعياداً من دون الأعياد الشرعية: أهل بدع وهكذا.