الكلام في أبيات الهروي في التوحيد

هذه الأبيات -في الحقيقة- من الأمور المعضلة؛ لأن ظاهر الأبيات ينزع إلى مقولة الصوفية، فلذلك نحتاج إلى أن نتكلف لنحسن الظن بالقائل، وهو الهروي رحمه الله، وهذه قد تحدث من بعض الأئمة، فيحصل منهم بعض المخالفات في المسائل الاعتقادية، بمعنى أنه قد يشذ إمام له قدره في الدين في مسألة من المسائل عمَّا عليه جمهور السلف، فهذا لا يضيره في صلاحه واستقامته، لكن مع ذلك لا نقر الخطأ حتى ولو كان من عالم كبير إذا لم نجد لكلامه المتأول إلا أن نحسن الظن به هو، أما كلامه وقوله فنعرضه على موازين الشرع، فمن هنا نقول إن هذه الأبيات في ظاهرها هي تأييد لمقالات الصوفية الخطيرة، لكنا إذا نظرنا إلى القائل فإنا نجد أن له في ذلك متأولاً، ونستطيع أن نفسرها بتفسير نحمله محملاً حسناً وإن تكلفنا، وتفسير آخر يؤيد الصوفية، وهو التفسير الظاهر، فلذلك حاول ابن القيم رحمه الله أن يعتذر في هذه الأبيات للهروي وأن يفسرها بالتفسير الحسن، وبعد ذلك سلم ابن القيم بأن فيها معاني إلحادية، فقال كلمته المشهورة في مدارج السالكين: لكن ذكر لفظاً مجملاً محتملاً جذبه إليه الاتحادي، وأشار في المدارج أيضاً إلى أن في هذه الأبيات معنى إلحادياً، لكن الهروي بريء منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015