الجواب الأول: قالوا: نحمل قراءة الجر على المسح على الخفين، ونحمل قراءة النصب على غسل الرجلين مكشوفتين؛ لأن القراءة مع القراءة كالآية مع الآية، قالوا عندنا قراءتان قراءة النصب {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} قراءة النصب محمولة على غسل الرجلين المكشوفتين، وقراءة الجر {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} محمولة على المسح على الرجلين المستورتين بالخف، أو الجورب فعلى هذا قراءة النصب محمولة على غسل الرجلين المكشوفتين، وقراءة الجر محمولة على المسح على الخفين.

الجواب الثاني: التوسع في لفظ امسحوا؛ فإن لفظ امسحوا في اللغة العربية يشمل المسح، ويشمل الغسل، ومعنى امسحوا المسح: يطلق على الغسل، يطلق على الإسالة والإفاضة وصب الماء، ويطلق على المسح كما تقول العرب: تمسحت للصلاة، تمسحت: يعني توضأت بالماء، فالمسح يطلق ويراد به الصب والإفاضة، ويطلق، ويراد به المسح، فنقول: إن كلمة امسحوا في اللغة العربية يشمل الأمرين، فنقول: امسحوا برءوسكم إصابة إصابة، وامسحوا بأرجلكم إسالة، وإفاضة، وكلمة امسحوا في اللغة العربية شاملة للأمرينن، كما تقول العرب تمسحت للصلاة؛ لأن امسحوا: المسح في اللغة العربية يطلق على الغسل، ويطلق على المسح الخاص، فالمعنى امسحوا برءوسكم إصابة بإمرار اليدين على العضو مبلولة بالماء، وامسحوا برءوسكم إسالة وصبا للماء، الرافضة ماذا أجابوا على قراءة النصب؟

الرافضة قالوا: نجيب على قراءة النصب {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} قالوا: أرجلكم معطوفة على محل برءوسكم؛ لأن رءوسكم محلها النصب إذا نزعت الخافض، الأصل {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} فإذا حذفت الباء صارت وامسحوا رءوسكم، قال الرافضة: نقول: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} معطوفة على محل رءوسكم، والمعطوف على المنصوب منصوب.

أجاب أهل السنة: بأن العطف على المحل لا يجوز إلا إذا لم يتغير المعنى، وهنا يتغير المعنى، لا يجوز لغة العطف على المحل، شرطه أن لا يتغير المعنى إذا اختل المعنى، فلا يجوز، وهنا يختل المعنى إذا حذفت الباء تغير المعنى؛ لأن الباء تفيد معنى زائدا على المسح، وهو إمرار اليد على العضو مبلولة بالماء؛ لأن الباء للإلصاق، والمعنى ألصق بيدك شيئا من الماء، ثم امسح به الرأس، فإذا حذفت الباء وقلت: امسحوا رءوسكم دلت على أنك تمسح الرأس بدون ماء، وهذا يغير المعنى، وإذن، فلا يصح. أما لو كان لا يتغير المعنى، فيصح، ومثال ذلك قول الشاعر:

فلسنا بالجبال ولا الحديدا ***...................

الباء زائدة هنا يجوز أن تعطف على المحل، وتذكر المعنى، فلسنا الجبال، ولا الحديدان لكن الباء في الآية الكريمة ليست زائدة، بل هي تفيد معنى زائدا، وهو الإلصاق، وهو أن تلصق شيئا من الماء بيدك، فتمرها على الرأس، فإذا حذفت الباء تغير المعنى، وصار المعنى إمرار يدك على الرأس بدون ماء، وبهذا يبطل دعوى الرافضة.

والرافضة يقولون: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} يقولون: المراد بالكعبين في كل رجل كعب واحد، وهو العظم الذي هو مجتمع الساق والقدم في ظاهر القدم، وأما أهل السنة فيقولون في كل رجل كعبان، وهما العظمان الناتئان من جانب القدم، كل رجل كعبان، لو نظرت إلى رجليك الآن تجد عظمين ناتئين من اليمين، ومن الشمال العظمان الناتئان، هما الكعبان، الرافضة أنكروا أن يكون في كل رجل كعبان.

قالوا: ليس في كل رجل إلا كعب واحد، ما هو هو هذا العظم الذي بين مجتمع الساق والقدم، وهو عظم خفي ليس بارزا، لكن قال العلماء هذا غلط ليس في كل رجل كعب، بل في كل رجل كعبان بدليل القاعدة المعروفة اللغوية التي تقول: مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحادا.

معنى هذه القاعدة مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحادا، المرافق قال الله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} قابل الجمع بالجمع، أيدي جمع والمرافق جمع، فقابل الجمع بالجمع، فالقسمة تقتضي آحادا تقتضي أن لكل يد مرفق، قابل الجمع بالجمع، أيديكم إلى المرافق، المرافق مجموعة، والأيدي مجموعة.

عند القسمة: كل يد لها مرفق، لكن هل قال في الرجلين، وأرجلكم إلى الكعاب، أو قال إلى الكعبين؟ إلى الكعبين. لو كان في كل رجل كعب كما تقول الرافضة لقال الله وأرجلكم إلى الكعاب؛ لأن مقابلة القسمة بالقسمة تقتضي آحادا، فلما قابل الله الجمع بالتثنية، دل على أنه في كل رجل كعبان، وفي كل يد مرفق. واضح هذا؟.

وبهذا يبطل مذهب الرافضة في القول في وجوب مسح ظهور القدمين، وعدم وجوب المسح على الخفين، والصواب ما عليه أهل الحق من أن الرجلين تغسلان، إذا كانتا مكشوفتين؛ فإن كانتا مستورتين بجورب، أو بالخف؛ فإنه يمسح عليهما إذا وجدت الشروط. نعم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015