أما أعداء الله من الفلاسفة وغيرهم، فلهم تفصيلات في هذه الأصول الستة، وحقيقتهم أنهم لم يؤمنوا بالله ولا بالملائكة ولا بالكتب ولا بالرسل ولا باليوم الآخر ولا بالقدر خيره وشره، ومعتقدهم في ذلك وتفصيلاته يؤجل إن شاء الله.فيما بعد.

أصول الإيمان عند الفلاسفة سبق الكلام على أصول الإيمان عند أهل السنة، وأن أهل الحق يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وأن هذه الأصول أصول الدين جاءت بها الرسل والكتب المنزلة، وأجمع عليها المسلمون، ومن أنكر شيئا منها فهو خارج عن ملة الإسلام، وليس في عداد المسلمين بإجماع المسلمين، لكن الفلاسفة المتأخرين أرسطو واتباعه وابن سينا ملاحدة زنادقة ينتسبون إلى الإسلام، وهم براء منه، وتأثر بهم كثير من أهل الكلام من المبتدعة وغيرهم، حتى إن ابن سينا يقدسه يعظمه كثير من الناس، ويسمونه الفيلسوف الإسلامي، وهو كما قال.. كما نقل عنه ابن القيم رحمه الله في غزل الأحوال أنه قال: أنا وأبي من دعوة الحاكم العبيدي، والحاكم العبيدي رافضي خبيث، لا يؤمن بالله ولا ملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا اليوم الآخر ولا القدر.

فالفلاسفة ينتسبون إلى الإسلام، والإسلام بريء منهم، ولم يجرءوا على على إنكار أصول الدين صراحة؛ لأنهم لو أنكروا أصول الإيمان لعرف الناس كفرهم ووضح كفرهم، لكنهم لبسوا لأنهم منافقون ذنادقة يتسترون بالإسلام، فهم يثبتون هذه الأصول في اللفظ، يقولون: أصول الدين خمسة الإيمان بالله ويدخل فيها الإيمان بالقدر والإيمان بالملائكة والإيمان بالكتب المنزلة والإيمان بالرسل والإيمان باليوم الآخر في اللفظ، لكن في الحقيقة لا يثبتون هذه الأصول، فهم لم يؤمنوا في الحقيقة بالله ولا ملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا باليوم الآخر.

أما إيمانهم بالله وهو أصل الدين، فمذهبهم أن الله -سبحانه- موجود وجودا مطلقا يعني موجود في الذهن لا ماهية له ولا حقيقة، فلا يعلم جزيئات بأعيانها إذ لو علم جزيئات للحقه الكلل والتعب من تصور تلك المعلومات، ولكان كاملا بنفسه لا بغيره، بل يعلم الكليات، والكليات أمر ذهني ولا يسأل عندهم بقدرته ومشيئته، وليس له صفة البتة لا يثبتون له السمع ولا البصر ولا العلم ولا القدرة، وليس العالم مخلوقا لله بمشيئته وقدرته، بل العالم عندهم لازم لله أزلا وأبدا، لا يستطيع انفكاكا عنه، فليس العالم مخلوقا بقدرته ومشيئته، بل العالم مقارن لله ليس متقدما عليه ينكرون أن يكون متقدما عليه في الزمان، بل هو مقارن له، وهو العلة المحرك لهذا العالم، وهو أول هذا العالم، والعالم ملازم لله أزلا وأبدا، فهو لازم له كلزوم النور للسراج هذا مذهبهم في الإيمان بالله، وحقيقة مذهبهم الإيمان بالله أنهم لم يثبتوا وجودا الله إلا في اللفظ، وفي الذهن فقط، لم يثبتوا ربا هذا رب الفلاسفة، ربهم معدوم لا وجود له؛ لأن الموجود لا بد أن يتصف بصفة ولا بد أن يكون له اسم وهؤلاء يسلبون جميع الأسماء والصفات، فتبين بهذا أنه لا وجود له إلا في الذهن، وفي اللفظ وأما الملائكة، فإنهم لا يثبتون الملائكة على أنهم أشخاص محسوسة، تنزل وتذهب وترى وتجيء، وتخاطب الرسول وتصفه عند ربها، وتكتب أعمال العباد ولها وظائف كما جاء في الكتاب والسنة، بل يقولون: إنها هي العقول، وهي مجردات ليست داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته، ولا هي أشخاص تتحرك وتصعد وتنزل، وتدبر وتكلم وتكتب أعمال العبد، وتجيء وترى وتخاطب الرسول، وإنما ذلك عندهم أمور ذهنية لا وجود لها في الأعيان، وإذا تقربوا إلى أهل الإسلام، وإذا تقرب بعضهم إلى أهل الإسلام قالوا: الملائكة هي القوى الخيرة الفاضلة التي في العبد والشياطين، هي القوى الشريرة الرديئة هذا إذا تقربوا إلى أهل الإسلام، وإلا فإنهم

يقررون أن الملائكة عبارة عن أشكال نورانية، يتصورها النبي في نفسها أشباح وأشكال نورانية، وإذا تقربوا إلى أهل الإسلام قالوا: هي أمور عقلية، فالأمور العقلية تبعث على الخير وعلى الإحسان وعلى الشجاعة وعلى الإيثار.

والشياطين هي القوى الشريرة الرديئة التي تبعث على الإيذاء وعلى الظلم وعلى الطغيان وعلى العدوان أمور عقلية ليست معنوية، هذا إذا تقربوا إلى أهل الإسلام وإلا فهم يقررون أنها أشخاص وأشباح وأشكال نورانية يتصورها النبي في ذاته، وأما الإيمان بالكتب فإنهم لا يثبتون الكلام لله عز وجل ولا يثبتون أن الله تكلم بكلام أنزله على أنبيائه ورسله، ولم يكن لله كلام لا يثبتون لله كلاما ولا كتبا أنزلها، ولا يصفون الله بالكلام فلا يكلم ولا يتكلم ولا قال ولا يقول والقرآن عندهم فيض فاض من العقل الفعال على قلب بشر، يعني أمورا معاني تفيض معاني، ليس بحرف ولا صوت معاني تفيض من العقل الفعال على قلب بشر ذاك النفس طاهر متميز عن النوع الإنساني متميز عن النوع الإنساني بخصائص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015