[المسألة الخامسة: أشراط الساعة لا يتعرض لها بمجاز ولا بما ينفي حقيقتها ولا بالتأويل الذي يصرفها عن ظواهرها]

[المسألة الخامسة] :

الناس في ما كتبوا من أهل العلم في أشراط الساعة ما بين مُصِيبٍ مُدَقِّقْ وما بين متساهل.

ولهذا المؤلفات في هذا الباب كثيرة جِدَّاً، يعني وما بين كُتُبٍ مُؤَلَّفَة مستقلة وما بين شروحٍ في كتبٍ مطولة.

لكن ينبغي لطالب العلم أنْ يتحَرَّزْ في هذا الأمر وذلك لأنَّ أشراط الساعة أمرٌ غيبي، والأمور الغيبية يجب أنْ يُسَلَّمَ لها إذا صح فيها دليل، إذا كان الدليل من كتاب الله - جل جلاله - أو كانَ الدّليل مما صح من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

وفيها ما في جنس أخبار الغيب بأنه لا يُتَعَرَضُ لها بمجاز ولا بما يَنْفِيْ حقيقتها ولا بالتأويل الذي يصرفها عن ظواهرها.

فباب التأويل والمجاز مرفوضٌ في مسائل الغيب جميعهاً، أو رَدْ هذه الآيات بالعقلانيات وأنَّ العقل يُحيلُ مثل هذا، هذا كله مردود.

ولهذا تجد في الكتب المؤلفة والشروح، ربما ما يصرف الأحاديث عن ظاهرها والواجب هو التسليم لها.

وهذا يَدْخُلْ في مقتضى الشهادة بالنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه من مقتضى الشهادة معناها تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما أخبر، فكل ما أخبر به من أمور الغيب ومن قصص السالفين ومما لم تُدْرِكْهُ فيجب التصديق به والإيمان بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم يُبَلِّغُ عن ربه - جل جلاله - وتقدست أسماؤه.

والناس في مسائل أشراط الساعة كما ذكرت لك في أول الكلام:

- منهم من يتأولها وينفي ما لا يدل عليه العقل، ويأخذ بما دلَّ عليه العقل.

- ومنهم من يتأول بعضاً.

- ومنهم من يؤمن بها على ظاهرها كما جاءت لأنها أمورٌ غيبية وهذا هو الذي ينبغي.

لهذا تجد مثلاً أنَّ في نزول عيسى عليه السلام والمهدي إذا جاء أنَّهُ يكون مثلاً بالسيف وبالخيل، والسيف والخيل قال فيها صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرف -أو لأعْلَمُ- أسماء خيولهم وألوانها» (?) ، أو كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم، وهذا تأكيد للحقيقة.

وكذلك أشراط الساعة الأخرى مثل خروج الدجال وأن يسمع به الناس:

فمِنَ الناس من قال أنَّ الدجال مثلاً يركب الطائرة، مما أُلِّفْ في هذا الباب، يركب الطائرة وأنه يَسْمَعْ الناس بخبره عن طريق كذا وكذا من الآلات التي هي موجودة الآن، وهذا مما لا يصلح أنْ يُثْبَتْ ولا أنْ يُنْفَى.

بل الواجب في مثل هذا التسليم للخبر لأنه إثباته فيه إثبات أنَّ هذه الأشياء ستبقى إلى خروجه، وهذا ما ليس لنا به علم، والنفي أيضاً نفيٌ بما لم نُدْرِكْ علما.

والواجب في هذا التسليم وأن لا يخوض الناس في عقليات تنفي ظاهر الأدلة.

فنؤمن بها كما جاءت ولا ندخل فيها كما ذكرت بتأويلٍ أو بمجازٍ يصرفها عن ظواهرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015