: [[الشريط الثالث والثلاثون]] :
س1/ فإن لم يكن مرتكب الكبيرة من أهل الوعيد، إلا في حالات ذكرتم فيها بعض الذنوب ... وقال الله - عز وجل - {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة:45] ، وما وجه ذلك؟
ج/ وجهها الإطلاق؛ يعني من تصدَّقَ بِقَتْلِ القاتل فهو كفَّارة له، والقتل كبيرة فكفارته كونها تُكَفِّرْ الصغائر غير مناسب، تُكَفِّرْ ما يقابلها من كبيرة، ولهذا قال العلماء في تفسير {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} يعني فيما يناسب عِظَمْ العمل، ذاك قتل والآن يستحق أن يُقْتَل وأن يُسْفَكَ دمه فهو تصدق به، تصدق بتلك النفس يعني باستحقاقه القتل {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} [الإسراء:33] ، واضح.
س/ [.....]
كفَّارة لمن قتل وكفَّارة للمتصدّق، الكفَّارة هنا هل هي للصغائر، الصغائر تُكَفِّرها الصلاة إلى الصلاة، لكن كفارة لما يناسب؛ لأنَّ عِظَمْ الذنب يقابله عِظَمْ التكفير.
س2/ الصلوات الخمس والجمعة ورمضان هل يكفر الله سبحانه بها الكبائر والصغائر أم لا يكفر إلا الصغائر، أما الكبائر فلا بد لها من توبة؛ لأنَّ من أهل العلم من يقول بذلك؟
ج/ الحديث نصَّ على أنَّ الصلوات الخمس والجمعة ورمضان إلى رمضان أنها مُكفرات لما بينهما ما اجتُنبت الكبائر، فتُكفر الصغائر، الصلاة في الجماعة إلى الصلاة في الجماعة تُكفر ما بينهما من الصغائر؛ لكن الكبائر لابد فيها من توبة.
وأما من قال أنَّ هذه الحسنات تُكفر الصغائر والكبائر كابن حزم وغيره، وهذا قول باطل وردَّ عليه ابن عبد البر في التمهيد رداً جيّداً مطولاً.
س/ عدم الإصرار على الكبيرة ألا ... ؟
لا، لأنه لو كانت الكبيرة تُكفَّر بغير التوبة ما يبقى أحد من أهل القبلة يلحقه وعيد، ولهذا قال ابن رجب رحمه الله في معرض كلامٍ له (ومن قال إن الكبائر تُكفَّر بمثل هذه الأمور فهذا أشبه بقول المرجئة؛ لأنَّ المؤمن يصلي ويصوم ويحج ويعتمر إلى آخره) ، معناه أنَّ كل هذه الأفعال تكفر الكبائر، يعني أنَّ أهل الإسلام سيموتون ولا....؛ بمعنى أنه لا يلحق مسلم وعيد، وهذا أشبه بقول أهل الإرجاء.
فالصحيح أنَّ الأحاديث التي فيها تكفير السيئات بفعل الطاعات أنَّ هذا للسيئات الصغائر.
في بعض الأعمال خلاف، بعض الأعمال مثل الحج قال «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» (?) يعني هذا التمثيل يدخل فيه الصغائر والكبائر ولذلك فيه طائفة من أهل العلم خصُّوا الحج، قالوا الحج غير العمرة إلى العمرة «حج فلم يرفث ولم يفسق» هذا يكفر الكبائر والصغائر، ولهذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم الحج بالجهاد، والجهاد يمحو الله - عز وجل - به السيئات لأنها حسنة عظيمة، وهذه فيها خلاف؛ لكن القاعدة أنَّ الحسنات من الصلاة والصيام والجمعة والعمرة إلى العمرة أنها مُكَفِّرَة للصغائر دون الكبائر بشرط اجتناب الكبائر؛ لقوله {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفَّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء:31] . فجعل شرط التكفير اجتناب الكبائر.
ثم هنا اختلف العلماء هل ترك الكبيرة وحده تُكفَّر به السيئات أم لابد أن يترك الكبيرة مع عمل صالح؛ يعني ترك مع فعل، أم الترك وحده مُكَفِّر؟
على قولين: والظاهر من قول المحقّقين أنَّ ترك الكبيرة لا تُكَفَّر به السيئات وحده بل لابد من فعل.
يعني ترك الكبيرة مع الصلاة إلى الصلاة، ترك الكبيرة مع عمرة إلى عمرة، ترك الكبيرة مع رمضان إلى رمضان وهكذا، وهذا هو الذي تجتمع به الأدلة. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.
س3/ قول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في قوله: الشفاعة شفاعتان: شفاعة منفيّة وشفاعة مثبَتة، ما المقصود؟
ج/ يعني أنَّ الله - عز وجل - أثبت شفاعة ونفى شفاعة.
نفى شفاعة فقال {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر:48] ، {لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ} [الأنعام:51] ، هذه شفاعة منفية.
وهناك شفاعة مُثبَتَة، وهي في قوله {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنْ ارْتَضَى} [الأنبياء:28] , {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم:26] ، {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:255] ، فأثبت شفاعة ونفى شفاعة.
فإذاً الشفاعة المنفية هي عن أهل الكفر والشرك.
والشفاعة المثبتة بشرطين الإذن والرضا، هذا مراد الشيخ.