والكبائر والصغائر داخلة في عموم المعصية {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} يدخل فيها الكبائر والصغائر؛ لكن قوله {وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ} هذا يدُلُّ على أنَّ هذه المعصية هي المعاصي التي لا يدخلها التكفير، وهي الكبائر إن مات مصرًّا عليها ولم يتب؛ يعني ولم يشأ الله - عز وجل - أن يغفر له والكفر والشرك كما ذكرتُ لك.
إذاً فالآية فيها الكبائر التي لم يَتُبْ منها مثل القتل مثل شرب الخمر ونحو ذلك، هذه إذا مات المسلم وهو يفعلها ولم يتب منها فإنه تحت المشيئة إن شاء الله - عز وجل - عفا عنه وإن شاء عَذَّبَهْ، وهذا يدخل في العذاب.
{خَالِدًا فِيهَا} الخلود في القرآن نوعان:
- خلود أبدي.
- وخلود أمدي.
الخلود في اللغة واستعمال القرآن على ذلك أنَّ الخلود معناه المكث الطويل، إذا مَكَثَ طويلا قيل له خالد، ولذلك العرب تسمي أولادها خالداً تفاؤلاً بطول المكث، بطول العمر، سَمَّوهُ خالداً؛ يعني أنه سيعمر عمراً طويلاً، وليس معنى الخلود يعني أنه خلود ليس معه انقطاع، وإنما هذا يُمَيَّزْ بالأبدية لهذا في الآيات ثَمَّ آيات فيها {أبدًا} ، وثَمَّ آيات ليس فيها الأبدية، فلما جاء في القتل قال {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء:93] ، أجمع أهل السنة على أنَّ الخلود في هذه الآية ليس أبدياً لأنَّ مرتكب الكبيرة يخرج من النار بتوحيده.
والآيات التي فيها الخلود الأبدي واضحة كقوله - عز وجل - {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة:6] ، لا، الآيات متعددة ما استحضرتها الآن، فإذاً الخلود نوعان في القرآن.
شيخ الإسلام ابن تيمية له بحث في هذا، لكن لا يُسَلَّمْ له. (?)
س4/ لو قال لي شخص: أنتم يا أهل السنة والجماعة متناقضون في تقسيماتكم؛ كيف تقولون إنَّ الله نُثْبِتْ له صفة العلو بذاته وفي نفس الوقت تقولون إنه ينزل في الثلث الأخير من الليل، والنزول من الصفات الفعلية، فهل هذا إلا جمعٌ بين نقيضين؟
ج/ ليس أهل السنة الذين قالوا بهذا، الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم، هو الذي أثبت العلو لله - عز وجل - بذاته، وهو الذي أخبر بنزول الرّب - عز وجل - في آخر كل ليل، فإذا كان ثَمَّ تناقض فنُعِيذْ من يقول هذا أن ينسب التناقض للنبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله هل هذا إلا جمع بين النقيضين هذه مشكلة كل مؤوّل وكل مُحَرِّفْ هذا السؤال يمثل مشكلته.
وهي أنَّ المُؤَوِّلْ مُشَبِّهْ، ما أوَّلَ إلا لأنه شبَّه، قام في ذهنه أنَّ إثبات الصفة فيه مشابهة ومماثلة لما يعلمه من اتصاف المخلوق بالصفة، ثُمَّ شَبَّهَ ثُمَّ نَفَى.
ما ينفي أحد في مجال الصفات والعقائد إلا أنه شَبَّهَ قبل، وإلا كيف تنفي؟
أنت لا تَقُلْ إنَّ الكيفية تعلمها أصلاً أو أنَّ الكيفية لها مماثل فيما ترى أو فيما رأيت، كيفية اتصاف الرب - عز وجل - بصفاته لا يعلمها أحد {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] ، فلا نعلم حقيقة اتصافه بالصفة ولا كيفية اتصافه بالصفة.
فإذا قال قائل: هذا يمتنع إننا نقول أنه - عز وجل - عالٍ بذاته سبحانه وتعالى وأنه ينزل، يقول هذا جمع بين النقيضين؛ فمعناه أنه شَبَّهْ.
لأنه عَدَّهُ جمعاً بين النقيضين لماذا؟
لأنه جَمْعٌ بين النقيضين في حق بعض المخلوقات، وليس كل المخلوقات؛ لأنه يمكن أن ينزل المخلوق ويبقى عالياً، ينزل المخلوق ويبقى عالياً؛ لكن النزول مع الاستواء على العرش هذا من خصائص الله - عز وجل -، لكن المخلوق يمكن أن ينزل وأن يكون عالياً بذاته مثل الملائكة ينزلون وهم في العلو، أما الاستواء على العرش مع النزول هذا خاص بجلال الله - عز وجل -.
فإذاً إثبات الصفات إثبات معنى لا إثبات كيفية، من قال هذه تجمع مع هذه، هذا فيه تناقض، كيف؟
هذا معناه أنَّهُ شَبَّهْ، اسْتَحْضَرْ من الصفة مماثلة اتصاف المخلوق بها ثم نفى، وهذه مشكلة كل المؤولة.
س5/ أيهما أعظم جُرْمَاً وذنباً الحلف بغير الله أو الزنا؟
ج/ الحلف بغير الله كفر والزنا ليس كفراً، ومعصية سمَّاها الله - عز وجل - كفراً هي أعظم من معصية لم يسمها الله - عز وجل - كفراً، وهذا المقصود به من حيث الجنس يعني جنس الحلف بغير الله وجنس الزنا.
لكن لو تطبقه على شخص لا يسوغ التطبيق، تقول هذا حَلَفَ بغير الله وهذا زنى، معناه هذا أبشع من هذا، فإنَّ هذا لا يُطَبَّقْ في كل نواحي الموازنة هل هذا أعظم أو هذا أعظم المقصود به النوع، أما إذا أتيت إلى الأفراد فهذا يختلف باختلاف الأحوال.
س6/ هل الذبح أمام أو عند قدوم الضيف شرك، حيث إنَّ بعض من ينتسب إلى أهل العلم يقول إذا كان على وجه الإكرام يجوز ذلك؟